التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين 27 لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين 28}

صفحة 1935 - الجزء 3

  وتدل على أن المردود قربانه لم يكن متقيًا حتى يصح الجواب.

  وتدل على أن صاحب القربان المقبول يستحق عليه الثواب، ولا بد أن يستحق على الألَمِ العوضَ، وإلا كان الألم الواصل إليه ظلمًا.

  ومتى قيل: على من يجب العوض؟

  قلنا: كل ما ذبح بإيجاب اللَّه كالهدايا والضحايا، أو كان مندوبًا إليه كالمتصدق، أو كان مباحًا كسائر الذبائح فالعوض عليه؛ لأنه بالأمر والإباحة يضمن العوض، وكلما كان ظلمًا فالعوض على فاعله.

  *قصة

  روي أن آدم # كان يولد له في كل بطن غلام وجارية، فيزوج البنت من بطن من الغلام من بطن آخر، وأنه ولد له قابيل وتوءمته، وبعدهما هابيل وتوءمة، وقيل: حملت حواء بهما بعد نزوله إلى الأرض، ووضعتهما في الأرض، وقيل: حملت بقابيل في الجنة، وبهابيل في الأرض، وكانت توأمة قابيل أحسن وجهًا، فأراد آدم أن يزوجها من هابيل، فأتى قابيل، وقال: هي أختي، وهي أحسن، ومن حمل الجنة، لا أرضى هذا، وليس هذا من اللَّه، إنما هو رأيك، فأمرهما أن يقربا قربانًا.

  وروي عن جعفر بن محمد الصادق أنه قال: «لم يكن هذا شرع آدم، ولكن زوج آدم جنية من قابيل، وحورية من هابيل فغضب قابيل، فأمرهما أن يقربا قربانًا، وكان قابيل صاحب زرع، فقرب صبرة طعام، وهابيل صاحب ضرع، فقرب جملاً، فأكلت النار قربان هابيل، وكان ذلك علامة القبول، وقد بينا ما قيل فيه، ورد قربان قابيل، فظهر فيه البغي والحسد، وَهَمَّ بقتله فلما غاب آدم قتله.