التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين 27 لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين 28}

صفحة 1934 - الجزء 3

  أيقبل منه أم لا يقبل، ولا يزوج أخته من هابيل، فأضمر هابيل الرضا بحكم اللَّه تعالى، وقيل: كان الأول مؤمنًا، والثاني كافرًا، وقيل: كان رجل سوء «قَالَ لأقتُلَنَّكَ» يعني قابيل لما رد قربانه لهابيل لما قبل قربانه: لأقتلنك، وكان ذلك عند غيبة آدم وفي الكلام حذف، كأنه قيل: لم تقتلني؟ قال: لأنه تقبل قربانك ولم يتقبل قرباني، فـ «قَال» هابيل: وما ذنبي «إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّه مِنَ الْمُتَّقِينَ» وقيل: هذا من كلام اللَّه تعالى لنبيه محمد، ÷ وأمته اعتراضًا بين القصة، كأنه بين لهم أنه لم يتقبل قربانه؛ لأنه لم يكن متقيًا، «لَئِنْ بَسَطتَ إِليَّ يَدَكَ» قاله هابيل: لئن مددت يدك إلي «لِتَقْتُلَنِي مَا أَنا بِبَاسِطٍ» بمادد «يَدِيَ إِلَيكَ لأقتُلَكَ» قيل: معناه إن بدأتني لم أبدأك، لكن أدفعك، عن ابن عباس وأبي حذيفة، وقيل: المراد أنه لا يبسط يده إليه عند قتله، ولكن يريد دفعه؛ لأن إرادة القتل محرمة على كل حال، عن القاضي، وقيل: بل كان كتب عليهم إذا أراد الرجل قتل إنسان تركه، ولم يمتنع، ولم يدفعه، عن الحسن ومجاهد وأبي علي، وقيل: كان السيف ممنوعًا فيهم كما كان في ابتداء الإسلام، وكما في زمن عيسى # قال عبد اللَّه بن عمر: وايم اللَّه إن كان المقتول أشد الرجلين، ولكن منعه التحرج أن يبسط يده إلى أخيه «إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالمينَ» قيل: بقتلك، وقيل: بمعصيتي إياه في منعك عن قتلي، وقيل: إني أخاف اللَّه أن أكافِئَكَ، ولكن أرد مكافأتك إليه، وقيل: أخاف أن أريد عند الدفع قَتْلَكَ؛ لأن المدافع يجب أن يخاف اللَّه بترك ذلك «رَبَّ الْعَالَمِينَ» إله الخلق.

  · الأحكام: تدل الآية على أن القبول يكون في الحال؛ فيبطل قول أصحاب الموافاة، ومعنى القبول: إيجاب الثواب على الطاعة، والحكم باستحقاقه.

  وتدل على أن الطاعة تقبل ممن يتقي الكبائر، فيبطل قول المرجئة.

  وتدل على أنه كان ثم علامة للقبول، وقد بينا ذلك.