قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون 35 إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم 36 يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم 37}
  والوسيلة: فعيلة من توسلت إليه، أي تقربت، قال الشاعر:
  إِذَا غَفَلَ الْوَاشُونَ عُدْنَا لِوَصْلِنَا ... وَعَادَ التَّصَافِي بَيْنَنَا [وَالْوَسَائِلُ]
  ومنه: سألت أسأل؛ أي طلبت، وهما يتَسَاءلان إذا طلب كل واحد من صاحبه، وأصل الباب الطلب، فالوسيلة القربة التي ينبغي أن يطلب مثلها، والسبيل: الطريق.
  والفدية: أصلها من التفادي، وهو أن يتقي الناس بعضهم ببعض، كأنه يجعل صاحبه فداه؛ أي بدله، تقول: فديت الرجل أفديه، وفَدَّيْته أُفَدِّيه بالتشديد أيضًا، وهو فداء إذا كسرت مددت، وإذا فتحت قصرت، وتفادى من كذا، أي تحاماه، وانزوى عنه.
  · الإعراب: قال أبو مسلم: الواو في قوله: «وجَاهدوا» واو عطف، ولكن موضعها موضع الباء، كأنه قيل: ابتغوا الوسيلة بالجهاد، كما يقال: أحب أن تحسن وتجمل بقضاء حاجتي، يعني بقضاء حاجتي، وقيل: هو عطف على قوله: «اتقوا اللَّه» «وجاهدوا».
  يقال: أين خبر (إنَّ)؟
  قلنا: الجملة في (لو) وجوابها، فأما قوله: «وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» فيحتمل أن يكون في موضع الحال، ويحتمل أن يكون عطفًا على الخبر.
  · المعنى: لما تقدم ذكر القتل والمحاربين عقبه بالوعظ والأمر بالتقوى، والوعد والوعيد، فقال تعالى: «يَا أيهَا الَّذِينَ آمَنُوا» خاطب المؤمنين تشريفًا لهم، وإلا فجميع المكلفين مخاطب بالتَّقوى «اتَّقُوا اللَّهَ» يعني معاصيه «وَابْتَغُوا إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ» يعني اطلبوا القربة إليه بالطاعات، عن أبي وائل والحسن ومجاهد، وعطاء والسدي وابن زيد، وعبد الله