قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون 35 إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم 36 يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم 37}
  ابن كثير، كأنه قيل: تقربوا إليه بالطاعات وما يرضيه، وقيل: الوسيلة أفضل درجات الجنة، عن عطاء قال: قال رسول اللَّه ÷: «سلوا اللَّه لي الوسيلة». «وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ» أي في طريق دينه مع أعدائه، وقيل: الزموا مجاهدة التقوى على طاعة اللَّه «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» أي لكي تظفروا بنعيم الأبد، ومعنى قوله: (لعل) أي اعملوا على رجاء الفلاح، وقيل: (لعل) من اللَّه واجب، كأنه قال: اعملوا لتفلحوا «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ» أي: لو ملكوا جميع ما في الأرض، ومثل ذلك «لِيَفْتَدُوا بِهِ» ليجعلوا ذلك فداهم، وبدلهم من عذاب اللَّه يوم القيامة «مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ» ذلك الفداء «وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» وجيع «يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ» قيل: يريدون الخروج منها ولا يمكنون، عن الحسن يذهب إلى حقيقة الإرادة قال: كلما دفعتهم النار بلهبها رجوا أن يخرجوا منها، وقيل: يتمنون الخروج إذا دفعهم لهبها عن أبي علي، وقيل: كادوا أن يخرجوا منها بقوة النار ودفعها بالمعذبين، حكاه القاضي، ونظيره: {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} أي يكاد، وقيل: يطلبون الخروج، ويسألون فلا يجابون، عن الأصم وأبي مسلم، وقيل: يريدون أن يخرجوا منها إلى أخرى، والأول الوجه؛ لأنه حقيقة الكلام، ولا مانع من حمله على حقيقته «وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا» من النار «وَلَهُمْ عَذَاب مُقِيمٌ» ثابت دائم لا يزول.
  · الأحكام: تدل الآية على أن الفلاح ينال بجميع الطاعات؛ لأن قوله: «اتَّقُوا اللَّهَ» أمر باجتناب المعاصي، وقوله: «وَابْتَغُوا إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ» يتضمن التقرب بالطاعات المختصة به «وَجَاهِدُوا» يتضمن ما فيه قوة الإسلام من الجهاد باليد واللسان، فيبطل قول المرجئة.