التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم 38 فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم 39}

صفحة 1958 - الجزء 3

  فأما الثامن: فالأكثر على أن القطع على الإمام ومن يلي من قِبَلِهِ كسائر الحدود، وهو قول مشايخنا، ومن الناس من يقول: لكل أحد أن يقيم ذلك على من قدر عليه.

  وتدل على وجوب إقامة الإمام، لأن الحدود واجبة، فإذا لم يتم إلا بنصب إمام وجب كوجوبه. وكذلك تدل على وجوب نصب أمراء وقضاة في كل بلد على الإمام، ولا بد أن يقسط بالقطع الاستحقاق به إلا إذا تاب، فحينئذ يكون امتحانًا، وقيل: إن القطع مصلحة القاطع والسارق، وقيل: بل مصلحة عامة.

  فأمَّا التاسع: فقيل: يقطع من أطراف الأصابع، عن أبي علي، وقيل: من المنكب عن بعض الخوارج، والذي عليه عامة العلماء، والظاهر من المذهب على أنه يقطع من الرسغ، ولا شبهة أنه تقطع يمينه، وعن بعضهم هو مخير، وفي الثانية تقطع رجله.

  اليسرى، ثم في الثالث والرابع يحبس، ولا يقطع عند أبي حنيفة، وذلك مروي عن أمير المؤمنين، وقال بعضهم: يقطع، واتفقوا أن الحر والعبد يستويان في القطع.

  فَأَمَّا العاشر: إن كانت السرقة باقية بعينها ترد، فأما إذا كانت مستهلكة وقطع فلا ضمان عند أبي حنيفة، وقال مالك: إن كان السارق موسرًا غرم، وقال الشافعي: يضمن في جميع الأحوال، وإن سرق عينًا فقطع، ثم سرقها مرة أخرى قال أبو حنيفة: لا يقطع فيه، وقال الشافعي: يقطع.

  فَأَمَّا الحادي عشر: إذا تاب السارق فقيل: يسقط الحد إذا تاب قبل القدرة، عن الشافعي، ومنهم من قال: يسقط بكل حال، ومنهم من قال: لا يسقط بحال، وهو قول أبي حنيفة، وقيل: إذا رد المسروق يسقط، عن الشعبي وعطاء، والحد يقام بعد التوبة امتحانًا لا عقوبة.

  وأما الفصل الثاني عشر: فيتضمن مسائل:

  أحدهما: دلالة الآية أن السرقة فعل السارق، وليس بخلق لله تعالى؛ لذلك أمر بالقطع، وتدل على أن السرقة كبيرة من كل أحد، حتى لو وقع من الإمام كان كبيرة،