قوله تعالى: {ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير 40}
  · المعنى: لما تقدم الوعد والوعيد اتصل به ما يدل على أنه قادر على ذلك، وعلى ما يشاء، فقال سبحانه: «أَلَمْ تَعْلَمْ» قيل: هو خطاب للنبي ÷، والمراد غيره، كقوله: {يَاأَيُّهَا النَّبيُّ إِذَا طَلَّقتُمُ}، وقيل: خطاب لكل مكلف على تقدير ألم تعلم أيها السامع أو أيها الإنسان، وقيل: إنه خطاب لبني إسرائيل الَّذِينَ كانوا بالمدينة، والأصح أنه عام «أَنَّ اللَّه لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» خلقًا ومُلْكًا، أما الخلق فلأنه أنشأ جميع ذلك واخترعه لا عن شيء، وأما المُلْك فلأنه يتصرف فيها بما يشاء من الإيجاد والإفناء والإعادة والإماتة والإحياء وسائر ما يتغير من الأحوال «يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ» إذا مات مُصِرًّا على كفره «وَيغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ» من تاب عن كفره، عن السدي، وقيل: يعذب من يشاء على الصغيرة إذا أصر عليها، «وَيغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ» الكثير إذا نزع عنه، عن الضحاك، وقيل: المراد به قدرته على ما يشاء من عقوبة أو غفران، عن أبي مسلم، وقيل: إنه قادر على أن يغفر لمن يشاء ذنوبه، ويأخذ من يشاء بذنوبه؛ لأنه المالك، ولكن بين الأحكام والحدود زجرًا وردعًا، عن الأصم «وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ» قيل: على الغفران والمعاقبة، وقيل: بل هو عام فيما يصح أن يكون مقدورًا له وعم تأكيدًا.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه تعالى قادر على ما يشاء من غفران وعقوبة، لا يمتنع عليه شيء ولكن لا يعذب إلا المستحق، ولا يثيب إلا المستحق، فأما التفضل فيعم جميع الخلق، وتدل على أنه مريدٌ وشاءٍ خلاف ما يقوله أبو القاسم، وتدل على أن كونه مريدًا صفة له، خلاف ما يقوله أبو الهذيل، واختلفوا، فقال مشايخنا: إنه مريد بإرادة حادثة، لا في محل، وكذلك يصح وصفه بأنه يريد ولا يريد، ويوصف به وبضده،