التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم 41}

صفحة 1961 - الجزء 3

  ويوصف به بعد أن لم يكن موصوفًا، وعند النجارية مريد لذاته، وعند الأشعرية مريد بإرادة قديمة.

  ومتى قيل: أي فرق بين قوله: {وَاللَّه بِكلِّ شَيءٍ عليمٌ} وبين قوله: «وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قدير» حتى قلتم: إن الأول على عمومه والثاني مخصوص؟

  فجوابنا: لأنه لا شيء إلا ويصح أن يعلم، ويجوز أن يعلمه كل عالم، ويستوي فيه القديم والمحدث والموجود والمعدوم، ولا كذلك المقدور، لأن من الأشياء ما لا يصح كونه مقدورًا، فلذلك فرقنا بينهما.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٤١}

  · القراءة: قراءة العامة «يسارعون»، وعن السلمي: (يُسْرِعون)، والمعنى واحد، وقراءة العامة: «الكلم»، وعن بعضهم «الكلام» والمعنى واحد.

  · اللغة: سمعت الشيء سمعًا، والسِّمْع بكسر السين: الذكر الجميل، وسَمَاعِ بمعنى اسمع، وسماعون يسمعون واحدها سماع، وسماعون: يقبلون ومنه: سمع اللَّه لمن حمده، أي قبل حمد من حمده.

  والفتنة: الاختبار، يقال: فتنت الذهب بالنار، أي أخلصته من الغش، ثم يسمى