التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون 44}

صفحة 1975 - الجزء 3

  وأصله من الرب، وزيد الألف والنون مبالغة كقولهم: لِحيانِيّ، «وَالأحبَارُ» العلماء «بِمَا اسْتُحْفِظُوا» بما استودعوا «مِنْ كِتَاب اللَّه» وعلمه، وقيل: بما أمروا بحفظ ذلك، والقيام به، وترك تضييعه عن أبيَ علي «وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ» يعني من تقدم ذكرهم شهداء على حكم النبي، ÷ بالرجم أنه في التوراة، عن ابن عباس، وقيل: شهداء على ذلك الحكم أنه من عند اللَّه وهو أنه الرجم والمساواة في الدم، وقيل: المستحفظون والربانيون والأحبار الشهداء خلفاء الأنبياء، ومن تبع آثارهم «فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ» قيل: لا تخشوهم في كتمان ما أنزلت، عن السدي، وقيل: لا تخشوهم في الحكم يعني ما أنزل اللَّه واخشوني، قيل: الخطاب للنبي ÷ وأمته، والكناية في قوله: (اخشون) عن اللَّه تعالى، يعني: اخشوني في ترك أمري، وقيل: لا تخش أعداءك أن ينالوا فيك ما أملوا، عن الأصم، وقيل: الخطاب لليهود في ترك الرضا بحكم النبي ÷، عن أبي مسلم «وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا» يعني لا تأخذوا على ترك أحكامي شيئًا يسيرًا، وقيل: على كتمان الحق، وقيل: خطاب للحكام، وقيل: هو عام، «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّه فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ» فيه أقوال:

  الأول: قيل: المراد به الجاحد لحكم اللَّه، عن ابن عباس وعكرمة قالا: ومن أقر ولم يحكم بما أنزل اللَّه فهو ظالم فاسق، وهو قول الأصم.

  الثاني: هو في اليهود خاصة، وليس معناه المجاراة، ولكن إشارة إلى معهود وهم اليهود، عن قتادة والضحاك، وأبي علي واختيار القاضي، وروى البراء بن عازب عن النبي، ÷ (أن الآيات الثلاث كلها في الكافرين)، وعن حذيفة أنها نزلت في اليهود والنصارى.

  الثالث: أنه عام في جميع من غَيَّرَ حكم اللَّه عن ابن مسعود والسدي