قوله تعالى: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون 44}
  وإبراهيم، قال عطاء: هو كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، كأنه يذهب إلى أنه كفر نعمة، لا كفر جحود، ولا كفر بِاللَّهِ، وعن طاوس: ليس بكفر ينقل عن الملة والدين كمن يكفر بِاللَّهِ واليوم الآخر.
  الرابع: من لم يقر بأنه حكم اللَّه، وروي عن الحسن: من لم يتخذ ما أنزل اللَّه دينًا فهو كافر، وهذا أقرب من الأول.
  · الأحكام: تدل الآية على أن التوراة كلها من قِبَلِهِ تعالى لا كما قال بعضهم: إن فيه كلام موسى، ولا يقال: هلا جاز أن يقال: أنزل معناه، واللفظ لموسى؛ لأن الظاهر أن اللفظ منزل؛ لأن اللفظ هو التوراة.
  وتدل على أنه بيان وأدلة، ووصفه بالنور والهدى، فالهدى بيان أحكام الشرع والنور أدلة التوحيد والعدل، عن أبي علي، وقد استدل بعضهم بالآية على أن ما في التوراة لازم لنا، وهذا لا يصح؛ لأن المنسوخ حكم اللَّه، وهدى ونور في وقته، لا بعد زواله؛ ولذلك لا يوصف التمسك بالسبت هُدًى، وإن كان هُدًى في وقت موسى.
  وتدل على عظم درجة العلماء حيث استحفظوا كتاب اللَّه ودينه، وكانوا شهداء.
  ويدل قوله: «فَلاَ تَخْشَوْا النَّاسَ» أن الواجب على الحكام مراعاة الحق، والحكم بما أنزل اللَّه، ولا يلتفت إلى غيره.
  وتدل على النهي عن الميل لمكان يقع.
  وتدل على أن الحكم بغير ما أنزل اللَّه كفر وفسق، وقد بَيَّنَّا ما قيل فيه، واستدل الخوارج بالآية على تكفير مرتكب الكبيرة، وقد بَيَّنَّا أنه محمول على معهود، كما روي عن قتادة، وعلى الجاحد كما روي عن ابن عباس والحسن.