التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون 48}

صفحة 369 - الجزء 1

  ويقال: هل تدل على أنهم أفضل من أمة محمد ÷؟

  قلنا: لا، وقد بينا المعنى، فبعضهم يخصص العالمين، وبعضهم التفضيل، وأجمعت الأمة على أن هذه الأمة أفضل من سائر الأمم، ونطق به القرآن، فقال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} وتدل على أن شكر النعمة والتحدث بها مما يجب، وإنما يجب بالقلب عمومًا، وباللسان عند التهمة في الجحود.

قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ٤٨}

  · القراءة: قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وإحدى الروايتين عن عاصم: «ولا تقبل منها شفاعة» بالتاء لتأنيث الشفاعة، وهو الأصل والاختيار. وقرأ الباقون بالياء، والوجه فيه أن الفعل المؤنث دخل بينهما فاصل مع تقدم الفعل، ولأن التأنيث في الشفاعة غير حقيقي؛ إذ كان ليس على أنثى من الحيوان بإزائها ذكر، ولأنه تقدم الفعل على المؤنث، فشبه ذهاب علامة التأنيث للتقديم ذهاب علامة التثنية والجمع في التقديم كقوله تعالى: {لئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّه حُجَّةٌ}.

  والقراء اتفقوا في «لاَ تَجْزِي» على فتح التاء وترك الهمزة بمعنى لا تغني، وهي لغة أهل الحجاز، وأصله من جزيت، وعن بعضهم بضم التاء وهمز الياء من أَجْزَأَ يُجْزِئُ إِجْزَاءً، وهم لغة تميم، ولا يجوز القراءة إلا بالمستفيض.

  والقراء على «تُقْبَلُ» بضم التاء ورفع «شفاعة» على ما لم يسم فاعله، وعن قتادة: