قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين 51 فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين 52 ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين 53}
  المسلمين «يَقُولُونَ نَخْشَى» نخاف «أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ» قيل: دولة تدور لأعداء المسلمين عليهم، فنحتاج إلى نصرتهم، وقيل: حوادث تدور نحتاج إليهم فيها، وقيل: قائل هذا: قوم من المنافقين، عن مجاهد والسدي وقتادة وأبي علي، وقيل: عبد اللَّه بن أبي، عن عطية بن سعد، وقيل: دائرة؛ أي يهلك محمد وأصحابه ويرجع الأمر إلى ما كان في الجاهلية فنحتاج إلى اليهود فنداريهم لذلك، عن الأصم. «فَعَسَى اللهُ» عسى من اللَّه: واجب «أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ» يعني يأتي اللَّه بالفتح، قيل: القضاء الفصل، عن قتادة، وقيل: فتح بلاد المشركين، عن أبي علي، وقيل: فتح مكة، عن السدي، وقيل: النصرة على الأعداء، عن الأصم «أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ» قيل: إذلال المشركين وإعزاز المؤمنين وظهور الإسلام، وقيل: هو الجزية، عن السدي، وقيل: قتل قريظة وإجلاء بني النضير، وقيل: أن يورث المسلمين ديارهم وأموالهم، وقيل: إظهار أمر المنافقين مع الأمر بقتلهم، عن الحسن والزجاج والأصم، وقيل: دون الفتحِ الأعظم أو موت هذا المنافق، عن أبي علي «فَيُصْبِحُوا» يعني المنافقين «عَلَى مَا أصَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ» وقيل: مِنْ غِشِّهِمْ المسلمين، ونُصْحِهِمْ للكافرين، وقيل: من معاقدتهم مع الكفار، وقيل: من الكفر والنفاق «نَادِمِينَ» قيل: عند الموت لما عاينوا العذاب، وقيل: في الدنيا لما رأوا النصر والظفر، وعلو الإسلام، وقيل: لما رأوا الفضيحة والقتل «وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا» تعجيبًا منهم ومن مقالهم واجترائهم على اللَّه في أيمانهم الكاذبة «أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا» حلفوا يعني المنافقين «جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ» أي مجتهدين فيها «إِنَّهُمْ لَمعَكمْ» يعني مع المؤمنين أمثالهم في الإيمان «حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ» أي هلكت فلم ينتفعوا بها، وقيل: ذهب ثوابها، واختلفوا في أعمالهم فقيل: هو أعمال البر التي عملوها في الدنيا ذهبت باطلاً لم يستحقوا ثوابًا؛ لأنها وقعت مع الكفر، وقيل: ما أظهروا من الإيمان لأنه لم يكن حقيقة، وقيل: جميع أعمالهم؛ لأنهم لم يعملوا لله «فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ» قيل: خسروا حظهم من موالاتهم للكافرين، وقيل: خسروا أنفسهم بأن أهلكوها، وقيل: خسروا ثواب أعمالهم إذ أحبطوها.