التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون 48}

صفحة 371 - الجزء 1

  · الإعراب: يقال: ما موضع «لاَ تَجْزِي» من الإعراب؟

  قلنا: نصب بإجماع؛ لأنه صفة لـ (يَوْم).

  ويقال: ما العائد إلى يوم من الإضمار؟

  قلنا: اختلفوا فيه، فقال الكسائي: لا يجوز أن يكون إلا هاء محذوفة من يجزيه، وقال بعضهم: لا يجوز أن يكون المحذوف إلا فيه، وقال أكثر أهل العربية: يجوز الأمران، منهم: سيبويه والأخفش والزجاج، وفصل النحويون بين الظرف وغيره من الأسماء في الإضمار فقالوا: لما كان يجوز مع المظهر منها الأمران، جاز مع المضمر أيضًا الأمران، تقول: قمت اليوم، وقمت في اليوم. وكذلك يجوز: اليوم قمته، واليوم قمت فيه. ولما لم يجز: قمت زيدًا، وأنت تريد قمت إلى زيد لم يجز: زيد قمته، كما يجوز: زيد قمت إليه.

  ويقال: علام يعود الهاء في قوله: (مِنْهَا) في الموضعين؟

  قلنا: فيه قولان، قيل: على النفس من قوله: «عَنْ نَفْسٍ» وقيل: الهاء الأولى «وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا» يرجع إلى النفس الأولى، وفي قوله: «وَلاَ يُؤْخَذ مِنْهَا» يعود إلى النفس الثانية، وتقديره: لا يغني أحد عن أحد، ولا يشفع له، عن أبي مسلم.

  · النزول: قيل: نزلت في اليهود خاصة لما قالوا: نحن أبناء اللَّه وأحباؤه، وأولاد الأنبياء، وسيشفع لنا آباؤنا، فأنكر اللَّه تعالى ذلك عليهم، وأَيَّسَهُمْ من ذلك، وأخرج الكلام على العموم، وليدل على إياس كل واحِدٍ منهم في الشفاعة مستند في إزالة عقابه، عن الأصم، وقيل: الآية عامة في الجميع.