التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون 48}

صفحة 372 - الجزء 1

  · المعنى: لما بَيَّنَ تعالى نعمه على بني إسرائيل حذرهم من الكفر، فأنذرهم بيوم القيامة، فقال تعالى: «وَاتَّقُوا» يعني: واحذروا، وأصله من الوقاية «يَوْمًا» يعني يوم القيامة، «لاَ تَجْزِي نَفْسٌ» أي لا تغني نفس «عَنْ نَفْسٍ شَيئًا»، عن السدي وجماعة كقوله: «البقرة تجزي عن سبعة» وقال النبي لأبي بردة بن نيار: «تجزي عنك ولا تجزي عن أحد بعدك» وقيل: لا يؤدي أحد عن أحد حقًّا وجب عليه لله أو لغيره، عن الأصم، وقيل: لا تقضي، وقيل: لا تقابل مكروهها بشيء يدرؤه عنها، وإنما نكر النفس ليبين أن كل نفس هذا حكمها، «وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَة» في النجاة من العقوبة «وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ» قيل: فدية، روي مرفوعًا، وهو قول ابن عباس وجماعة، وقيل: بدل، وهو الفدية أيضًا، «وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ» أي لا يعانون حتى ينجوا من العذاب، وقيل: ليس لهم ناصر ينتصر لهم من اللَّه تعالى إذا عاقبهم، عن الأصم.

  · الأحكام: الآية تدل على عظم حال القيامة لما ذكر من تَأْييسٍ للعصاة من الناصر، وأخذ الفدية، وقبول الشفاعة.

  وتدل على وجوب اتقاء ذلك اليوم باتقاء المعاصي والكبائر، فتدل على أن صاحب الكبيرة لا يكون له شفيع، فيبطل مذهب مخالفينا في الشفاعة لأهل الكبائر، وإن وردت في بني إسرائيل، فالمعتبر عموم اللفظ لا خصوص السبب؛ لأن التعليل يشمل الجميع.