قوله تعالى: {قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل 60}
  «مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ» جزاء عند اللَّه «مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ» أبعده من رحمته «وَغَضِبَ عَلَيهِ» وغضبه إرادة العقوبة والاستحقاق به، قال الأصم: فضرب عليهم الذلة والمسكنة والجزية أينما كانوا من الروم وفارس «وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازيرَ» يعني مسخهم قردة وخنازير، قيل: القردة أصحاب السبت، والخنازير كفار أهل مائدة عيسى، وقال ابن عباس: كلا المسخين في أصحاب السبت، فشبابهم مسخوا قردة، ومشائخهم مسخوا خنازير «وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ» يعني: منهم من عبد الطاغوت، واختلفوا، فقيل: الطاغوت هو الشيطان، عن الحسن والأصم؛ لأنهمْ أطاعوه طاعة المعبود، وقيل: الطاغوت: كل من دعا إلى عبادة الصنم، لأنهم أطاعوه طاعة المعبود، وقيل: الطاغوت: كل من دعا إلى عبادة غير اللَّه من الفراعنة، وقيل: هو ههنا العِجْل الذي عبدته بنو إسرائيل؛ لأن الكلام في صفتهم «أُوْلَئِكَ» يعني هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وصفهم «شَرٌّ مَكَانًا» في الدنيا والآخرة، ممن نقمتم عليه، أما في الدنيا فبالقتل والسبي، وضربت عليهم الذلة والمسكنة، وألزموا الجزية، وأما في الآخرة فعذاب الأبد، «وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ» يعني أبعد من طريق الحق والنجاة.
  · الأحكام: تدل الآية على وقوع مسخ في اليهود، والأقرب أن المسخين كانا في صنف واحد.
  وتدل على نبوته من حيث أخبرهم عن سرائر أخبارهم، ولم يقرأ كتابًا، ولا سمع حديثًا، فعلم أنه يقول ذلك وحيًا، وفيه تسلية للنبي ÷، وبيان حال اليهود، ولا تعلق للمجبرة بقوله: «وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ»؛ لأنه ليس فيه أن عبادة الطاغوت منه، ولا هو