قوله تعالى: {قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل 60}
  · النزول: ذكر الأصم عن بعضهم أن أهل الكتاب قالوا: ما نعلم أمة جاءها رسول أضيق عيشًا، ولا أشد جهدًا، ولا أشقى من أمة محمد ÷، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.
  وقيل: لما نزلت الآية التي قبلها نقمت اليهود من إيمان المسلمين بجميع الأنبياء، فنزلت هذه الآية، وأمر النبي ÷ أن يجيبهم، فلما نزلت هذه الآية عير المسلمون اليهود، وقالوا: يا إخوان القردة والخنازير، وافتضحوا.
  · الإعراب: «مثوبة» نصب على التفسير، كقوله: {أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ٣٤}.
  ويقال: ما موضع (مَنْ) في قوله: «مَنْ لَعَنَهُ اللَّه» من الإعراب؟
  قلنا: فيه ثلاثة أوجه: الأول: الجر على تقدير: شر من ذلك مثوبة ممن لعنه اللَّه. الثاني: الرفع بتقدير: هم من لعنه اللَّه، الثالث: نصبا على اتباع «أنبئكم»، تقديره: أنبئكم من لعنه اللَّه.
  · المعنى: ثم أمر تعالى نبيه بمحاجة اليهود في إظهار فضائحهم، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد لهَؤُلَاءِ المستهزئين من اليهود والكفار «هَلْ أُنَبِّئُكُمْ» أخبركم «بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً» بشر جزاء مما تنقمون منا، وقيل: بشر من ذلك؛ أي من الَّذِينَ طعنتم عليهم من المسلمين، وقيل: معناه: إن كان ذلك عندكم شرًّا فأنا أخبركم بشر منه عاقبة.
  ومتى قيل: كيف قال: «بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ»، ولم يكن في المؤمنين شرٌّ؟
  فجوابنا أنه ذكر ذلك على الإنصاف في المخاطبة والمظاهرة في الحجاج كقوله: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٢٤}