التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين 67}

صفحة 2030 - الجزء 3

  المقصود، وفي المثل: (أحمق بِلْغٌ) بسكون اللام، قيل: معناه مع حماقته يبلغ ما يريده، وقيل: يبلغ بلسانه كنه ما في ضميره، ومنه: رجل بليغ من البلاغة، والبُلْغَةُ ما يتبلغ به من العيش، وقول عائشة لعلي يوم الجمل: (قد بلغت منا البُلَغِينَ) يعني بلغتْ الحرب كل مبلغ، قال أبو عبيدة: هو مثل قولهم: لقيت منه البِرَحِينَ. والعصمة: المنع، والعصمة من اللَّه تنقسم، فمنها أن يدفع الشر عن نفسه، كما عصم نبيه من كيد الكفار، ومنها أن يلطف له بألطافه، حتى ينتهي عن فعل القبيح، ومنه قولنا في الأنبياء: (إنهم معصومون) واعتصم فلان بفلان، أي امتنع به، وأصله عصام القربة، وهو الذي يشد به رأسها من خيط أو سير.

  · الإعراب: قوله: (ما أنزل): موضعه نصب بوقوع الفعل عليه، و (رسالاته): التاء مكسورة؛ لأن تاء الجمع مكسورة أبدًا.

  · النزول: قيل: نزل رسول اللَّه ÷ منزلاً تحت شجرة وعلق سيفه عليها، فأتاه أعرابي وهو نائم، فأخذ السيف واخترطه، وقال: يا محمد. من يمنعك مني؟ قال: «اللَّه» فرعدت يد الأعرابي وسقط السيف من يده، وضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دماغه، فأنزل اللَّه تعالى في هذه القصة هذه الآية، عن محمد بن كعب وأبي هريرة.

  وقيل: كان رسول اللَّه، ÷ يهاب قريشًا واليهود والنصارى، فأزال اللَّه تعالى عن قلبه تلك الهيبة بهذه الآية، في معنى قول الحسن وأنس.