التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين 67}

صفحة 2033 - الجزء 3

  ومتى قيل: فمن أي شيء يحرسه؟

  قلنا: مما يمنع الأداء والإبلاغ، فأما الأذى القليل والذي لا يمنع الإبلاغ يجوز أن يخلى، ولا يكون معصوما فيه.

  ومتى قيل: أليس شُجَّ جبينه، وكُسِرَتْ رباعيته؟

  قلنا: ذاك لا يمنع الإبلاغ، فلذلك جاز، وقيل: إن الآية نزلت بعده، وروي أن ركانة أشجع العرب صارعه فصرعه رسول اللَّه ÷ ثم أتاه أبو بكر وعمر، وقالا: إن ركانة أفتك الناس، فكيف صرعته؟ فقال: «أليس اللَّه تعالى قال: «وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» ثم حكى ما صنع به «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» قيل: معنى الهداية: التوفيق والمعونة، يعني لا يغنيهم، ولا يؤيدهم بالألطاف، وقيل: لا يهديهم إلى الثواب والجنة، عن أبي علي.

  · الأحكام: تدل الآية على أن النبي ÷ لا يجوز عليه كتمان شيء من الوحي لتقية ولا لغيرها، خلاف ما يقوله الرافضة، وكما لا يجوز أن يكتم لا يجوز أن يغير ويبدل، وأن يسهو عنه؛ لأن جميع ذلك ترك الإبلاغ.

  وتدل على أنه تعالى يحرسه حتى يتم الأداء، وعلى أن الرسالة يجب أن تظهر، ولا يجوز التقية على الرسول في الرسالة.

  وتدل على أنه يقطع على البقاء إلى أن تؤدى، ولا يكون إغراء لما علمه من حالهم أنهم لا يعصون، وقال شيخنا أبو علي: وذلك معجز من وجهين: