التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يابني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار 72 لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم 73 أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم 74}

صفحة 2041 - الجزء 3

  · الأحكام: تدل الآية على أنه يجوز أن يخلي اللَّه تعالى بين رسوله وبين الكفار حتى يقتلوه، وقد بينا ما قيل فيه ومتى يجوز ذلك.

  وتدل على أن المكلف قد يكفر بعد الإيمان، خلاف ما قال بعضهم؛ لأن المراد بـ (عموا وصموا): كفروا.

  وتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم؛ لذلك أخذ منهم الميثاق، ولذلك أضاف القتل والتكذيب إليهم، ولذلك قال: «بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُون»، وكل ذلك يبطل قولهم في المخلوق.

قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ٧٢ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٧٣ أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٧٤}

  · اللغة: الشرك: أصله الاجتماع في الملك، ومنه: الشركة في المال والثوب والدار، والإشراك في العبادة: جعلها له ولغيره، كما لو جعل جاعل المعنى بين اثنين.

  والتوبة: الندم مع العزم على ترك المعاودة.

  والاستغفار: طلب المغفرة.

  وثالث ثلاثة: يقال للواحد مع اثنين، ومع أن اللَّه تعالى رابع أربعة، والمعنى هو أحد الثلاثة، ومن العرب من يقول: هو ثالث اثنين، معناه: أنه يُصَيِّرُ الاثنين ثلاثة.