قوله تعالى: {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون 75 قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم 76 قل ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل 77}
  دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ» أي لا تجاوزوا الحد إلى الغلو، أو إلى التقصير فيفوتكم الحق، وخصهم بالنهي؛ لأنهم اختصوا بالغلو «وَلاَ تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ» أي لا تقلدوا دين قوم اعتقدوا بالأهواء دون الحجج «قَدْ ضَلُّوا» في دينهم «وَأَضَلُّوا» غيرهم «وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ» أي الطريق المستقيم، قيل: الَّذِينَ ضلوا عن الدين هم اليهود، عن الحسن ومجاهد، وقيل: ضلوا بكفرهم بعيسى، وأضلوا غيرهم، وضلوا بكفرهم بمحمد، وقيل: أسلافهم الَّذِينَ هم رؤساء الضلالة من الفريقين اليهود والنصارى، عن أبي علي.
  ومتى قيل: لم كرر ضلوا؟
  قلنا: قيل: ضلوا وأضلوا فضلوا بإضلالهم غيرهم، عن الزجاج، وقيل: ضلوا من قبل وضلوا من بعد، وقيل: ضلوا عن الحق وضلوا عن طريق الجنة، وقيل: لما اعترض قوله: «وأضلوا كثيرا» أعاد ضل لتتم الإبانة عن المراد، وقيل: ضلوا بترك ما شرع لهم، وأضلوا بما شرعوا من الباطل.
  · الأحكام: تدل الآية على الاحتجاج على بطلان قول النصارى؛ لأنه بين أنه رسول، وله أم، وأنه يأكل الطعام، وأنه ولد، وكل ذلك حجاج في بطلان ما هم عليه.
  وتدل على بطلان قول اليهود أيضًا في عيسى.
  وتدل على أن غيره تعالى لا يستحق العبادة، وأنه لا يقدر على النفع والضر مطلقًا، كالموت والحياة، والسعة والإقتار، والإيجاد والإفناء.
  وتدل على أن الغلو في الدين مذموم، والحق بين الغلو والتقصير، وأنت إذا