قوله تعالى: {وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم 49}
  قلنا: يحتمل وجهين:
  أحدهما: الاستئناف فيكون موضعه رفعًا، كأنه قال: يسومونكم من قبل ذلك سوء العذاب.
  والثاني: الحال فيكون موضعه نصبًا كأنه قيل: سامتكم سوء العذاب، والعامل فيه «نَجَّينَاكُمْ».
  ويقال: ما المحذوف من (ابن)؟
  قلنا: قال الأخفش: الواو؛ لأنها أثقل، فهي بالحذف أولى، وقال الزجاج:
  يجوز أن يكون المحذوف الياء، ويجوز الواو، وهما مستويان.
  · المعنى: ثم فصل ذكر النعم التي أجملها من قبل فقال تعالى: «وَإذْ نَجَّيناكم» أي خلصناكم وأنقذناكم «مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ» يعني قومه وأتباعه، وأهل دينه، وقيل: عترته، وقيل: فرعون اسم لملوك العمالقة، كما يقال لملك الروم: قيصر، ولملك الفرس: كسرى، ولملك الترك: خاقان، فهو على هذا المعنى صفة، كأن معناه ملك العمالقة، واختلف في اسمه، فقيل: مصعب بن الريان، وقيل: الوليد بن مصعب عن محمد بن إسحاق «يَسُومُونَكُمْ» قيل: يذيقونكم، وقيل: يجشمونكم، وقيل: يعذبونكم، والكل يتقارب «سُوءَ الْعَذَابِ» أشده، وأسوأه، واختلفوا في ذلك، فقيل: هو أنه استعملهم في الأعمال الشاقة، وقيل: جعلهم أصنافًا، فصنف يحرثون، وصنف يخدمون، ومن لم يعمل ضرب عليهم الجزية، وهو ما بينه تعالى في قوله: {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ}.
  ويقال: ما في استحياء النسوة من المحنة؟
  قلنا: كي يستعبدن وينكحن على الاسترقاق، فهو أعظم من قتل الرجال، وقيل:
  كان استبقاؤهن للإذلال والمحنة.
  ويقال: ما كان سبب قتل الأبناء؟