التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم 49}

صفحة 374 - الجزء 1

  والسَّوْمُ والتجشم والتحمل نظائر ويقال: سَامَهُ المشقةَ، وسامه السوء والشر، وهو أن يجنبه مشقة أو شرًّا، وسُمته سوء العذاب، قيل: أرسل عليه ذلك، والسوم فِعْل يحمل النفس على ما يكره.

  والسوء الاسم الجامع للآفات والداء، يقال: ساءه يسوؤه سوءًا، وأساء إساءة، وأسأت إليه في الصنع، والسيئة اسم كالخطيئة، والسيئ كذلك، والسُّوأى بوزن فُعْلَى اسم للفعلة السيئة، وأصله من ساءه يسوؤه كقولك: آذاه يؤذيه، وحقيقته الضراء الذي يسومه المضرور، ثم كثر حتى صرف إلى الضر القبيح.

  والذبح: فري الأوداج، وأصله من الشق، يقال: فَأْرَةُ مِسْكٍ ذُبِحَتْ في سَكِّ، يقال: ذبح ذبحًا، فالذبح بفتح الذال المصدر، وبكسر الذال المذبوح، والفرق بين الذبح، والقتل، أن القتل نقض البنية التي بها تصح الحياة، بأي ضرب كان، والذبح فري الأوداج، فالقتل أعم.

  والنساء: جماعة، والرجال مقابله، ولا واحد له من لفظه، يقال: امرأة ونساء، ونسوة.

  والبلاء: النعمة، والبلاء: المحنة، وقيل: أصلها واحد، وهو الابتلاء، بمعنى التجربة، فكأن العبد يبتلى عند النعمة بالشكر، وعند المحنة بالصبر، قال اللَّه تعالى:

  {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} يقال في النعمة: أبليته بالإحسان، وفي الاختبار بلوته بلاء.

  · الإعراب: يقال: ما العامل في (إذ) من قوله: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ)؟

  قلنا: قولهة «اذْكُرُوا» من قوله: (يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي) كأنه قال: فاذكروا إذ أنجيناكم، فموضعه نصب، وهو عطف على النعمة الأولى.

  ويقال: ما موضع «يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ» من الإعراب؟