التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون 89}

صفحة 2068 - الجزء 3

  والثالث: صفة الأيمان وما تجب به الكفارة وما لا تجب.

  والرابع: أحكام الكفارة.

  فأمَّا الأول: فتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم؛ لذلك قال: «عقدكم» و «تطعمون» و «إذا حلفتم»، «واحفظوا أيمانكم» و «تشكرون» وكل ذلك يبطل قولهم في المخلوق.

  وتدل على أنه تعالى بين الآيات ليشكروا، خلاف قول من يقول: إنه قد بَيَّنَ ليكفروا، وخلاف قول من يقول: إنه ينزل لا لغرض.

  وتدل على أنه يريد من عباده الشكر، خلاف قول من يقول: إنه يريد الكفر ممن كفر؛ لأن قوله: «لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» لكي تشكروا، أي أريد منكم الشكر.

  فأما الثاني: فتدل على أنه لا يؤاخذ باللغو من اليمين، وهو مجمل من وجه؛ لأنه لمْ يبين ما اللغو فيحتاج إلى بيان، فأما المؤاخذة فقد بينا ما قيل فيه، والظاهر أنه لا يؤاخذ لا إثمًا ولا كفارة خلاف ما يقول إبراهيم: إن فيه الكفارة، وتدل على أن الكفارة تجب في اليمين المعقودة، وهو ما يكون على المستقبل، فتدل أن يمين الغموس لا كفارة فيها؛ لأنها غير [منعقدة]، خلاف ما يقوله الشافعي.

  وتدل على أن كفارة اليمين مخير فيها، ولا خلاف في ذلك.

  وتدل على جواز الصوم وليس فيها بيان التتابع، وهو موقوف على الدليل، وما روي في قراءة ابن مسعود: «فَصِيَامُ ثَلَاَثة أَيَّام مُتتابعة» إن ثبت دل على ذلك، ويجوز نسخ التلاوة دون الحكم.

  وتدل على النهي عن إكثار اليمين.

  فأما الثالث: أحكام اليمين فقد بَيَّنَّا من قبل أن اليمين اشتق من اليمين التي