قوله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون 89}
  هي الجارحة، وقيل: من القوة، فأما اليمين فهو أن يلزم نفسه فعلاً، أو يمتنع عن فعل ويؤكده باسم اللَّه تعالى، والمعقود عليه لا بد أن يكون موجودًا، ولو قال: واللَّه لأشربن الماء الذي في هذا الكوز، ولا ماء فيه لا تنعقد؛ لأن العقد لا ينعقد على معدوم، ومثله لو قال: لأصعدن السماء تنعقد ويحنث، ولا بد من حرف يتصل باسم اللَّه تعالى حتى يصير يمينًا، وذلك ثلاثة: الباء وهو الأصل تدخل في جميع الأسماء وفي المضمرة والمظهرة، والواو فرع عليه؛ ولذلك تدخل على المظهر دون المضمر، ثم التاء فرع الواو، فتدخل على اسم اللَّه تعالى فقط، كقوله: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ}.
  واليمين على ضربين: يمين باسم من أسماء اللَّه تعالى نحو قوله: بِاللَّهِ، وبالرحمن ونحوه، فلا تنعقد لغيره، فلو قال: بالنبي أو بالقرآن أو بالكعبة، لا يكون يمينًا. ويمين تكون شرطًا وجزاء كقوله: إن دخلت الدار فعبدي حر أو امرأتي طالق، أو علي لله كذا فعندنا يلزم ذلك، ونحو أن يقول: إن فعلت هذا فهو يهودي أو بريء من الإسلام فهو يمين، وقال الشافعي: ليس بيمين، وعن الهادي نحوه.
  والأيمان ثلاثة: يمين اللغو، ويمين الغموس، ويمين المعقودة، فأما يمين اللغو: فهو أن يحلف على أمر ماض وظنه كذلك عند أبي حنيفة، وهو قول يحيى الهادي #، وقال الشافعي: هو أن يجري على لسانه: «لا واللَّه» و «بلى واللَّه»، وهو اختيار القاضي.
  وأما يمين الغموس فهي يمين على الماضي، ويتعمد الكذب، ولا كفارة فيه عند الهادي، وهو مذهب أهل العراق، وقال الشافعي: فيه كفارة.
  فأما يمين المعقودة تكون على المستقبل، وقد أشرنا إليه، والكفارة تجب فيه،