التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين 92 ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين 93}

صفحة 2081 - الجزء 3

  والثالث اتقاء جميع المعاصي، وضم الإحسان إليه لذلك، وقيل: الاتقاء الأول الاتقاء عن المعاصي، والثاني دوامه، والثالث اتقاء ظلم العباد «وَأَحْسَنُوا» الإحسان إليهم، والإحسان هو النفع الحسن، عن أبي علي، وقيل: الأول يرجع إلى ما تقدم تحريمه، والثاني إلى ما يحدث تحريمه، والثالث الدوام عليه، وقيل: الأول اتقاء جميع المعاصي، والثاني اتقاء الخمر وما في الآية، والثالث ما يحدث تحريمه من بعد، عن الأصم قال: اتقوا المحرمات قبل نزول تحريم الخمر، ثم اتقوا الخمر إذ سمعوا النهي عن شرب الخمر، ثم اتقوا إن أحدث اللَّه لهم تحريم شيء، وقيل: اتقوا الكفر ثم اتقوا الكبائر ثم اتقوا الصغائر «وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» يريد إجلالهم وإثابتهم، والمحبة: الإرادة.

  · الأحكام: تدل الآية على أن الرسول متى بَلَّغَ فليس عليه غير ذلك.

  وتدل على أنه يبلغ بلاغًا يكون فيه بيان ظاهر، فيبطل قول من يقول: إنه لم يبين، أو بين للبعض، أو بين سرًا على ما يحكى عن الرافضة.

  وتدل على أن من لم تبلغه الدعوة لا تكليف عليه فيما يتعلق بالسمع على ما روي من السبب.

  ومتى قيل: لم قال: (لا جناح عليهم فيما طعموا) بشرط الاتقاء والإيمان، وعندكم الكافر كذلك؟

  فجوابنا: لأن المؤمن يصح أن يطلق أنه لا جناح عليه، فأما الكافر فهو مستحق للعقاب مغمور به، فلا ينطلق عليه ذلك، ولأن الكافر سد على نفسه طريق معرفة التحليل والتحريم؛ فلذلك خص المؤمن بالذكر.