التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين 92 ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين 93}

صفحة 2080 - الجزء 3

  وعزموا على الترهب، فنزلت الآية منبهة أنه لا حرج على تناول المباح إذا اجتنب الحرام.

  · المعنى: لما تقدم ذكر الأحكام والتحريم والتحليل عقبه بالأمر بالطاعة فيها فقال سبحانه: «وَأَطِيعُوا اللَّهَ» يعني فيما أمركم به ونهاكم عنه، والطاعة هي موافقة المطيع بفعل ما أراد منه إذا كان دونه في الرتبة «وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ» فيما شرع لكم وأدى إليكم «وَاحْذَرُوا» تحرزوا من مخالفة أمر اللَّه وأمر رسوله، وقيل: واحذروا أن يراكم عند ما نهاكم عنه «فَإِنْ تَوَلَّيتُمْ» أعرضتم ولم تعملوا بما أمركم به «فَاعلموا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغ» أداء الشريعة، وتبليغ الرسالة «الْمُبِينُ» البين الواضح، وهذا وعيد لهم كأنه قيل: فاعلموا أنكم المستحقون للعقاب بالتولي عما أداه، وليس عليه إلا ذلك، وقيل: عليه البلاغ، وضرر الكفر عائد إليكم، عن أبي مسلم، ثم بين حال مَنْ لم يبلغه التحريم فقال سبحانه: «لَيسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ» إثم وحرج «فِيمَا طَعِمُوا» شربوا قبل نزول التحريم «إِذَا مَا اتَّقَوْا» شُربها بعد التحريم «وَآمَنُوا» بالله «وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» أي الأعمال الصالحة منْ طاعة ربهم «ثُمَّ اتَّقوا» داموا على الاتقاء «وَآمَنُوا» داموا على الإيمان «ثُمَّ اتَّقَوْا» بفعل الفرائض «وَأَحْسَنُوا» بفعل النوافل، فعلى هذا الاتقاء الأول اتقاء الشرب بعد التحريم، والثاني الدوام على الاتقاء،