قوله تعالى: {وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون 50}
  قلنا: ما عمل في (إذ) الأولى، وتقديره: وإذ فرقنا، فهو عطف على (إذ) المتقدم.
  · المعنى: ثم ذكر نعمة أخرى فقال تعالى «وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ» قيل: جعلناكم بين فرقتيه تمرون في طريق يبس، وقيل: فرقنا بين الماء وبينكم، إذ فصلنا وحجزنا حتى مررتم فيه، والأول أوجه، وقيل: أراد به فرقهم في اثني عشر طريقًا لاثني عشر سبطًا، وقيل: فرقنا بسببكم البحر لتمروا فيه.
  ومتى قيل: ما فائدة جعل الطريق اثني عشر؟
  قلنا: كيلا يختلط سبط بسبط، وكانوا اثني عشر سبطًا؛ ولذلك فرق بين مشربهم في التيه، وقيل: ليتعجل خروجهم، وقيل: كيلا يتزاحموا ولا يتقاتلوا عليه «فَأَنْجَينَاكم» يعني من البحر والغرق «وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ» يعني أشياعه وأتباعه، وهو معهم، فحذف لدلالة الحال، كأنه قيل: أغرقنا آل فرعون معه، وقد بين ذلك في قوله: {فَأَغرَقنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جمَيعًا}.
  ويقال: كيف دخل فرعون مع كمال عقله البحر مع ما فيه من الخطر؟
  قلنا: قيل: إن جبريل قرب منه على رَمَكَةٍ ودِيق وهو على فرس حصان، فلم يملك ضبطه حتى دخل البحر، وقيل: كان ثَمَّ قلة تفكر، وقيل: رأى كثيرًا من المعجزات ونجا منها، فظن البحر كذلك، والعناد والتعصب يعمي ويصم، وقيل: إنه تعالى قوى دواعيه لدخوله ليهلكه، «وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ» قيل: ترونه وتعاينونه، عن أكثر المفسرين، وقيل: ليس هو الرؤية، وإنما كقولك: ضربت وأهلك ينظرون فما أتوك، عن الفراء، وليس بالوجه؛ لأنهم عاينوا فلق البحر، والتطام الماء، وغرق آل فرعون، وإذا صح حمله على. ظاهره فلا معنى للعدول عنه، وقيل: وأنتم تنظرون إلى التطام