التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم 94 ياأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام 95}

صفحة 2085 - الجزء 3

  قلنا: لأن الأولى حرف الإعراب الذي يتعاقب عليه الحركات، والثانية واو الجمع التي تضم في التقاء الساكنين نحو: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ} واللام في قوله: «لَيَبْلونَّكُمُ» لام القسم.

  «هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ» تقديره: بالغًا الكعبة غير أن التنوين حذف، وأضيف الأول إلى الثاني، وهو نصب على الحال، أي هو في هذه الحال. «مَسَاكِينَ» لا يجر، وإن كان مضافًا إليه؛ لأن ما كان على مثال مفاعيل لا يدخله الجر. و «صياما» نصب على التمييز، وأراد: من الصيام، فلما حذف (مِنْ) وصيِّرَ نكرة نصب على التمييز.

  · النزول: قال الكلبي: نزلت الآيات بالحديبية، ابتلاهم اللَّه تعالى بالوحش، فكانت تغشى رحالهم كثرة، وهم محرمون، فنهوا عن قتلها، فبينما هم يسيرون، إذ عرض لهم حمار وحشي فقتله بعضهم، فسئل رسول اللَّه ÷ عن ذلك، فنزلت الآيات.

  · النظم: قال أبو مسلم: لما تقدم في أول السورة تحريم الصيد على المحرم، فسر ذلك هنا، وما يجب من الجزاء في قتلها.

  وقيل: إنه يتصل بما قبلها من تحريم أفعال الجاهلية، فحرم الصيد كذلك، ونقلهم من أحوال الجاهلية إلى شرعة الإسلام.

  · المعنى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» صدقوا اللَّه ورسوله، أو أيها المؤمنون، وإنما خصهم