التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون 96}

صفحة 2093 - الجزء 3

  يكون ماؤه ملحًا. وأصل الباب: السعة، سمي بذلك البحر لاتساعه، ويقال: فرس بحر إذا كان واسع الجري، والبَحْرَةُ: البلدة، وبَحَرْتُ أذن الناقة إذا شققتها، وهي البحيرة لسعتها.

  والسيارة: جمع سائر، وهو من سار يسير سيرًا.

  والحشر: جَمْعٌ مع سَوْق، وكل جمع: حشر، ومن أسماء النبي ÷ الحاشر؛ لأن الناس يجمعون خلفه، وهو يقدمهم، ويحتمل أنه آخر الأنبياء، فيحشر الناس في زمانه وملته.

  · الإعراب: «متاعًا» يجوز فيه الرفع والنصب، فالنصب على الحال؛ أي: أحل لكم في حال ما هو متاع لكم، والرفع على أنه خبر ابتداء «وطعامه» ابتداء، و (متاع لكم) خبره، وقيل: نصبه على (متعكم متاعًا).

  «صيد» رفع؛ لأنه اسم ما لم يسم فاعله.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى ما يحل من الصيد وما لا يحل عطفًا على ما تقدم، فقال سبحانه: «أُحِلَّ لَكُمْ» يعني أبيح لكم «صَيدُ الْبَحْرِ» يعني صيد الماء، وقيل: أراد بالتحليل صيد الطري، عن ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة ومجاهد والسدي، والعتيق لا خلاف فيه، وقيل: المراد بالصيد الاصطياد؛ لأن التحليل والتحريم يتعلقان بالأفعال دون الأعيان «وَطَعَامُهُ» قيل: طعام البحر، ثم اختلفوا، فقيل: ما قذف به ميتًا، عن أبي بكر وعمر وابن عباس وابن عمر وقتادة، وقيل: المملوح، عن ابن عباس وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب وقتادة ومجاهد وإبراهيم، وإنما سمي طعامًا؛ لأنه يدخر ليطعم، فصار كالمقتات من الأغذية «مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ» أي منفعة لكم للمقيم والمسافر، عن ابن عباس والحسن وقتادة «وَحُرّمَ عَلَيكُمْ صَيدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا» يعني اصطياد صيد