التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم 97}

صفحة 2097 - الجزء 3

  نصب (الكعبة)؛ لأنه مفعول، والبيت بدل عنه، و (الحرام) صفة البيت، و (قيامًا) المفعول الثاني.

  · النزول: قيل: كانوا يتقاتلون ويغيرون، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية عن ابن عباس، قال أبو علي: كانت العرب لا تأمن على أنفسها وتجاراتها إلا عند الكعبة، وفي الشهر الحرام.

  · المعنى: لما ذكر تعالى حرمة الحرم عقبه بذكر البيت الحرام، والشهر الحرام، فقال تعالى: «جَعَلَ اللَّه الْكَعْبَةَ» قيل: بَيَّنَ وحَكَمَ، وقيل: صَيَّرَ، فالأول بالنهي والحكم بالنار، والثاني بالألطاف والمنع «الْكَعْبَةَ الْبَيتَ الْحَرَامَ» سمي حرامًا لأنه حرم فيه ما أحل في غيره «قِيَامًا لِلنَّاسِ» قيل: قوامًا لأهل مكة، تقوم به معائشهم بالميرة التي تُحْمَلُ إليها، أو بالأمر الذي حصل فيه في الجاهلية والإسلام، عن ابن عباس وأبي مسلم، وقيل: قوامًا للناس في دينهم بما جعل للكعبة من المناسك التي فيها زجر عن القبيح، ودعاء إلى الحَسَنِ فما داموا متمسكين به، وهو قوام دينهم، وقيل:

  صلاحًا لهم، عن سعيد بن جبير، وقيل: أراد دوام ملكهم للناس إلى يوم القيامة، عن الحسن، وقيل: قيامًا؛ أي ما يقومون به في مناسكهم، ومتعبدًا بهم في القول والعمل، عن الأصم، وقيل: دوامًا وبقاء لهم لما يندفع عنهم من المكاره به، وقيل: لنفع الدين والدنيا، أما الدين فلما فيه من العبادات، وأما الدنيا فللأمن وما يهدى إليه من الهدي «وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ» أي: وجعل الشهر الحرام قيامًا، والمراد الأشهر الحرم وهي أربعة: ثلاثة سَرْد: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وواحد فرد: رجب؛ لما فيه من الأمن وترك القتال. «وَالْهَدْيَ» ما يهدى إلى البيت، فيذبح ثَمَّ، ويفرق لحمه في الفقراء، فيكون صلاحًا لعيش الفقراء، ونسكًا للمعطي «وَالْقَلَاِئِدَ» أي وجعل القلائد، «قِيَامًا لِلنَّاسِ» فيه ثلاثة أقوال: