التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم 97}

صفحة 2098 - الجزء 3

  الأول: قيل: كان الواحد من العربِ يلقى الهدي مقلدًا، وهو يلقى النصب من الجوع، فلا يتعرض له.

  الثاني: قيل: من أراد الإحرام تقلد قلادة فتمنعه من الناس حتى يأتي أهله سالمًا، عن قتادة.

  الثالث: قال الحسن: القلائد أن يقلد الإبلُ والبقرُ النعالَ أو الخفافَ، على ذلك مضت السنة، وهذا على صلاح التعبد بها.

  «ذَلِكَ» يعني ما تقدم ذكره إنما جعل ذلك كذلك «لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلّ شَيءٍ عَلِيمٌ».

  ومتى قيل: ما وجه اتصال آخر الآية بأولها؟

  قلنا: قيل: إنه يعلم صلاح الخلق فيدبرهم كما تقتضي الحكمة؛ لأنه عالم بجميع الأشياء، وقيل: إنه لكونه عالمًا لذاته، دبر العالم دينًا ودنيا، فمن تدابيره أن جعل الكعبة كذلك لما فيه المصلحة، وهو العالم بالخلق والبقاع، وقيل: إن هذا لم يقع على اتفاق وتبخيت، بل فَعَلَهُ بِعِلْمٍ، فقوموا بشكره، وقيل: ذاك إشارة إلى ما أنبأهم من علم الغيب، وعلمه بما هو كائن، ثم قال ذلك الذي أعلمكم، ولا يقدر عليه أحد لتعلموا، عن الأصم، وقيل: لعلمه بأحوال الناس وما هم فيه من القتال والإعادة عظم الكعبة في قلوبهم حتى أمن أهلها.

  · الأحكام: تدل الآية على عظيم نعمة اللَّه تعالى على عباده بالكعبة والشهر الحرام لما فيه من قوام الدين والدنيا.

  وتدل على معجزة النبي ÷ حيث أخبر عن الغيب، فكان كذلك، ويدل قوله: «لِتَعْلَمُوا» أن العلم من فعلنا، فيبطل قول أصحاب المعارف.