التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون 103}

صفحة 2109 - الجزء 3

  عليها، وتحرم على النساء لا يذقن لبنها، ولا ينتفعن بها، فكانت منافعها للرجال خاصة حتى تموت، فإذا ماتت اشترك الرجال والنساء في أكلها، عن ابن عباس والسدي، وقيل: كان الرجل يجدع أذن ناقته ثم يعتقها كما يعتق غلامه، فلا تُركب ولا تحلب، وقال أهل اللغة: كانت الناقة إذا نتجت خمسة أبطن فكان آخرها ذكرا بحروا أذنها؛ أي شقوا، وامتنعوا من ركوبها وذبحها، ولم تطرد عن ماء، ولا تمنع من مرعى، وقيل: هي ناقة يحرم وبرها ومنافعها على النساء، وتحل للرجال، وما ولدت من ذكر أو أنثى فهو بمنزلتها، فإن كانت البحيرة أنثى اشتركت فيها الرجال والنساء، حكاه أبو مسلم، وقيل: البحيرة من الغنم إذا ولدت عشرة أبطن بحروا أذنها، فإن كان البطن العاشر ذكرًا حيًّا أكله الرجال دون النساء، وإن كان ميتًا اشترك فيه الرجال والنساء، وإن كان ذكرًا وأنثى بحروهما جميعًا، وقالوا: وصلت أخاها، وهي وصيلة، حكاه الأصم، وقيل: البحيرة هي ابنة الشاة الوصيلة، عن أبي علي «وَلاَ سَائِبَةٍ» هي التي لا ملك لأحد عليها ولا سلطان، قيل: كانوا في الجاهلية إذا نذر الرجل القدوم من سفر أو البُرء من مرض أو ما أشبه ذلك قال: ناقتي سائبة، فكانت كالبحيرة في التخلية، وقيل: هو ما سيبوا من أموالهم، وتقربوا به إلى أوثانهم، عن الأصم، وقيل: كان الرجل إذا طلب على بعير حاجة وظفر بها سَيّبهُ لأوثانهم، حكاه الأصم، وقيل: كان الرجل يسيبه من ماله فيدفعه إلى السدنة، فيطعمون من ألبانها ولحومها إلا النساء، فإذا ماتت أكلها الرجال والنساء، وقيل: هي العبد يعتق على ألا يكون عليه ولاء ولا عقل، ولا ميراث، والسائبة بمعني المُسَيَّبَة كـ «عيشة راضية» بمعنى مرضية «وَلاَ وَصِيلَةٍ» قيل: هي الشاة تواصل بين بطون وتلد فيها الإناث، وهي البطن السابع شقوا أذنها، وسموها بحيرة، وحرموا أكل الوصيلة، وقيل: هي الشاة تلد سبعة أبطن، فإن كان السابع ذكرًا بحروه لأهليهم، وإن