التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 51}

صفحة 381 - الجزء 1

  وعده وعدًا، وأوعده إيعادًا، والوعد والعِدَةُ يكونان مصدرين، واسمين، والوعد لا يُجْمَع، والوعد والوعيد من جنس الخبر، فالوعد خبر بأنه سيفعل به خيرًا، والوعيد خبر بأنه سيفعل به شرًّا.

  «موسى» اسم عبراني، وقيل: أصله موشا: فموشا: شجرة بالقبطية، وسمي بذلك لوجود التابوت الذي كان فيه عند الماء والشجر وَجَدَتهُ جواري آسية امرأة فرعون، وكن خرجن ليغتسلن، فسمي بالمكان الذي وجد فيه، عن السدي، وهو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهِث بن لاوِي بن يعقوب عن محمد بن إسحاق.

  والليل: اسم لوقت من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، كما أن النهار اسم لوقت طلوع الشمس إلى غروبها، وقيل: أصله ليلاً فقصرت، وتصغيره لُيَيْلَة.

  · الإعراب: (قبلُ) و (بعدُ) بنيا على الضم، وأصله من البعد.

  والهاء في قوله: (مِنْ بَعْدِهِ) قيل: يرجع إلى موسى، وقيل: مِنْ بَعْدِ وَعْدِ اللَّه إياكم بالتوراة، وقيل: من بعد غرق فرعون وما رأوا من الآيات، والكل محتمل.

  · المعنى: ثم ذكرهم تعالى نعمًا أخرى معطوفًا على ما تقدم من النعم، فقال تعالى: «وَإذْ وَعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيلَةً» وقيل: أربعين كلها داخلة في الميعاد، عن أبي العالية، ذو القعدة وعشر من ذي الحجة، وقيل: وعدناه تمام الأربعين ليلة، أو مضي أربعين ليلة، عن الأخفش.

  ويُقال: متى كان هذا الوعد؟

  قلنا: لما هلك فرعون، وعاد بنو إسرائيل إلى مصر وعدهم اللَّه إنزال التوراة والشرائع، فخلف موسى أهله، واستخلف عليهم هارون #، فمكث بالطور أربعين ليلة، وأنزل عليه التوراة في الألواح.