التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب 109}

صفحة 2129 - الجزء 3

  · المعنى: «يَوْمَ» أي احذروا يوم، والمراد يوم القيامة «يَجْمَعُ اللَّه الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ» أي ما الذي أجابكم قومكم فيما دعوتموهم إليه، ومَنْ قَبِلَ، ومَنْ رَدَّ، وقيل: ما الذي أحدثوا بعدكم، عن ابن جريج، وهذا سؤال توبيخ للمنافقين عند هتك أستارهم، وقيل: سؤال ليشهدوا عليهم كما يسأل الشهود بين يدي الحكام، ثم يشهدوا «قَالُوا» أي فتقول «لاَ عِلْمَ لَنَا» قيل: بالمهتوك، من هول ذلك المقام، عن الحسن ومجاهد والسدي قال: ثم يشهدون بعدما ثابت إليهم أنفسهم، وقيل: لا علم لنا بباطن ما أجاب به أممنا؛ لأن الجزاء يقع عليه، عن الحسن وأبي علي، وهو الوجه، وأنكر أبو علي الوجه الأول لقوله تعالى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} وقيل: «لا عِلْمَ لنا إِلَّا مَا علَّمْتَنا»، أنت أعلم به منا، فهو تصغير لعلمهم، عن أبي مسلم، كأنه قيل: لا حاجة إلى علمنا مع علم علام الغيوب، وقيل: لا علم لنا بما أحدثوه بعدنا، وقيل: عَلِمُوا الجملة ولم يعلموا التفصيل، وقيل: هو تحقيق فضيحتهم كمن يقول لغيره: ما يقول فلان؟ فيقول: أنت أعلم به مني، كأنه قيل: لا يحتاج في حاله إلى الشهادة لظهوره «إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوب» يعني تعلم الغيب، فيدل ذلك على أن المراد بقوله: «لاَ عِلْمَ لَنَا» علم الباطن.

  · الأحكام: تدل الآية على إثبات المعاد.

  وتدل على أنه تعالى يجمع الرسل، ويشهدون على أممهم، وذلك تحذير للمكلفين مِنَ المعاصي.

  وتدل على أنه تعالى يعلم السرائر، لذلك فوضوا علم الباطن إليه، ويبطل قول الإمامية: إن الأئمة يعلمون الغيب.