قوله تعالى: {ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون 52}
  رفع اللَّه العقاب عنك، والذنوب على ثلاثة أضرب: كفر، ويجوز العفو عنه عقلاً، إلا أن السمع مَنَعَ منه. والكبائر: ويجوز العفو عنه عقلاً، واختلفوا في جوازه سمعًا، وعن أبي القاسم لا يجوز العفو عقلاً. والصغائر: وهي مغفورة باجتناب الكبائر، واتفقوا أن الجميع واحد في أنه يجب العفو عند التوبة.
  والشكر: إظهار النعمة، وضده الكفر، وأصله من الظهور.
  · الإعراب: يقال: لم قيل: «مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ» على التوحيد، والمعنى على الجمع؟
  قلنا: لأن الخطاب اتصل بذا، وهو مبهم، فمرة يأتي على الأصل، ومرة يأتي على مشاكلة اللفظ إذا كان لفظ المبهم على الواحد، وإن كان معناه على الجمع، وقيل: قد يخاطب الواحد في اللفظ، ويعنى به الجمع، كقوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ}.
  · المعنى: ثم بين تعالى ما أتوا من الذنب، وعفوه عنهم، فقال تعالى: «ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ» يعني بقبول التوبة عن عبادة العجل، بعد أن عبدوه «مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ» قيل: من بعد اتخاذكم العجل عن أبي العالية «لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» قيل: معنى (لعل) معنى لام (كي)، أي لكي تشكروا اللَّه على عفوه عنكم، وسائر نعمه عليكم، وقيل: معناه التعريض كأنه قيل: عرضناكم للشكر، وقيل: معناه للشكر عفوت عنكم، كما أنه للعبادة خلقتم.
  · الأحكام: الآية تدل على أنه تعالى أراد منهم الشكر؛ لأن معنى لعلكم أي لكي تشكروا، ومعناه أريد منكم أن تشكروا.