قوله تعالى: {وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب 116 ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد 117 إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم 118}
  حيًّا بين أظهرهم «فَلَمَّا تَوَفَّيتَنِي» قيل: هو وفاة الرفع إلى السماء، عن الحسن؛ أي: قبضتني، وقيل: وفاة الموت، عن أبي علي «كُنتَ أَنْتَ» يا رب «الرَّقِيبَ عَلَيهِمْ» قيل: الحفيظ، عن قتادة وابن جريج والسدي «وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شهيدٌ» قيل: شاهد له؛ لأنك عليم به، وقيل: مشاهد على تقدير: يشاهد كل شيء من المشاهدات «إِنْ تُعَذّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» قيل: هذا تسليم الأمر إلى اللَّه تعالى، وأنه قادر على ما يشاء، وليس يشك في أنه لا يغفر للكفار، والمعنى أنهم عبادك لا يقدرون على دفع شيء عن أنفسهم، فإن عذبتهم فقد عذبت المستحق، وأنت قادر لا يمكنه مدافعة، وإن غفرت فحكيم في ذلك تغفر لمن استحق الغفران، عن أبي علي، وهذا أحسن ما قيل في معنى الكلام، وقيل: هذا إخبار منه بأن فيهم مُصِرًّا وتائبًا، فقال: إن تعذب المُصِرَّ فبقدرتك، وإن غفرت للتائب فبحكمتك، وقيل: إن عذبتهم على كفرهم فهم أهل له حيث كانوا عبيدك، واتخذوا إلهًا غيرك، وإن غفرت فأنت أهل الكرم، والفضل يحسن منك ذلك، كأنه قال: يجوز الغفران عقلاً غير أنه وعد ألا يغفر، وقيل: «إِنْ تُعَذِّبْهُمْ» فبتقصيرهم في توحيدك وعبادتك فهم أهل له، وأنت قادر على الانتقام، وإن تغفر فأنت أهل الغفران، وقيل: إن تعذبهم فلإقامتهم على الكفر، وإن تغفر فبتوبة كانت منهم، عن الحسن، والعزيز: القادر الذي لا يجوز عليه المنع، والحكيم المحكم لأفعاله، وإنما أتى بهاتين الصفتين تسليمًا للأمر، ولو قال: الغفور الرحيم لأوهم أنه يسأل المغفرة، وقيل: ليبين أنه قادر على ما يشاء، ولا يفعل إلا الحكمة في التعذيب، والغفران.
  · الأحكام: تدل الآية على كذب النصارى على المسيح فيما أضافوه إليه.
  وتدل على تنزيهه تعالى في توحيده وعدله عما لا يليق به من صفات النقص.