قوله تعالى: {ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين 6}
  كل عصر فيه نبي، أو من له طبقة عالية في العلم، فجعله من اقتران أهل العصر بأهل العلم. فإذا كان زمانَ فترة وغلبة جهلٍ لم يكن قرنًا، وقيل: القرن مدة من الزمان، وقيل: ثمانون سنة، وقيل: مائة سنة لاقتران أهلها، وأصله من الإقران، ومنه القِرَانُ؛ يعني أن يقرن بين الحج والعمرة في الإحرام، ومنه القرين.
  والتمكين: إعطاء ما به يصح الفعل كائنًا ما كان من الآلات وغيره.
  والإقدار: إعطاء القدرة خاصة، يقال: مكنه تمكينًا.
  ودره السحاب: صَبَّهُ، سحاب مدرار: كثير المطر، ودِيَمة مدرار إذا كان غزيرًا دارًا. والمفعال للمبالغة، ولا يؤنث، يقال: دَرَّتْ السماءُ: إذا أمطرت، ومنه: دَرَّ
  الضرع: إذا امتلأ لبنًا، والدَّرُّ: اللبن، ولله دره: أي عمله، وفي الذم: لا دَرَّ دَرُّهُ؛ أي لا كثر خيره.
  والإنشاء: الإيجاد من غير سبب، ومنه: أنشأ اللَّه الخلق، ونشأ السحاب وأنشأه اللَّه.
  · الإعراب: العامل في قوله: «كم» قوله: «أهلكنا»، ولا يجوز أن يعمل فيه (يروا)؛ لأن الاستفهام يعمل فيه ما بعده، ولا يعمل فيه ما قبله من أجل أن له صدر الكلام؛ لأنه ينقل ما دخل عليه من الخبر إلى الاستخبار، فصار بمنزلة ما لا ينصرف من عامل الإعراب.
  · المعنى: ثم حذرهم ما نزل بالأمم، فقال سبحانه: «أَلَمْ يَرَوْا» أي ألم يعلموا، وكانت العرب قد علمت أخبار الأمم الهالكة إما بتواتر أو رؤية، وقيل: معناه ألم تنظروا آثارهم؟! وكانوا يرون في أسفارهم ديار لوط وثمود، كقوله: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ ١٣٧}.
  وكان فيهم من رأى حديث الفيل، وفيهم من سمع. «كَمْ