التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين 14 قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم 15 من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين 16}

صفحة 2176 - الجزء 3

  أبي مسلم، وقيل: أمرت أن أكون أول من استسلم لأمر اللَّه، وانقاد لرسوله ورضي بحكمه، وقيل: أول من دخل في الحنيفية ملة إبراهيم، وقيل: أول قومي وأمتي أسلم بعد القترة، عن الحسن، والمراد به الشرعيات، وإنما كان أول؛ لأنه خص بالوحي فلزمه قبل أن يلزم غيره «وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» أي أمرني ربي ألا أشرك به شيئًا «قُلْ» يا محمد «إِنِّي أَخاف» قيل: معناه: أوقن وأعلم، وقيل: هو من الخوف «إِنْ عَصَيتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» يعني: يوم يعظم فيه الثواب والعقاب. «مَنْ يُصْرَفْ» يعني العذاب «عَنهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ» يعني: من غفر له، تنبيه لا محالة؛ لأنه لا مكلف إلا وهو مثاب أو معاقب، فنبه أنه متى أسقط العقاب بالتوبة يوجب له الثواب، وقيل: إنه تذكير بتلك المنزلة، أي مِنْ رحمته أن يصرف عنه عذاب ذلك اليوم «وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ» الظفر بالبغية والمطلوب، المبين الظاهر.

  · الأحكام: تدل على أنه ÷ ترك المعصية حذرًا وخوفا خلاف ما يقوله بعضهم: إنه كالممنوع، وخلاف قول الْمُجْبِرَةِ: إنه لم يخلق فيه.

  ومتى قيل: أليس عندكم أن الخوف ظن المضرة، وهو يعلم يقينًا أنه لا يعاقَب ولا يَعْصِي، فكيف يخاف؟

  قلنا: المراد بالخوف الحذر؛ لأنه علق الخوف بوقوع المعصية.

  وتدل على أن لا معصية إلا ويُسْتَحَق بها العقاب، فلذلك أطلقه.

  ومتى قيل: كيف يستحق على الصغائر؟

  قلنا: أما عند أبي هاشم فيستحق، ثم يسقط ويسقط ما يقابله من الثواب، وعند أبي علي يسقطه الثواب ولا يسقط معه، فالاستحقاق ثابت في الوجهين.

  وتدل أن المكلف إذا سقط العقاب عنه فهو من أهل الثواب، وذلك لأنه إنما