قوله تعالى: {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير 17 وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير 18}
  أراد أن ينفعك، والخير: النفع الحسن، وقيل: أراد: إن يَنَلْكَ بخير، وهذا على طريقة من لا يثبت الإرادة صفة للقديم سبحانه «فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ» يعني القادر على كل شيء من خير ونفع أو ضر خلاف ما يعبدونه.
  ومتى قيل: لماذا فرق بين الخير والضر، والجميع خير عندكم؟
  قلنا: هو خير في دينه، ولكن ينفر الطبع منه، وفرق بينهما لهذا، وهذا كما تقول: أَكْلُ الحلوى نفع، وأكل الأدوية أيضًا نفع، وإن كان طبعه ينفر عنه، وقيل: إنه عد نعمته في أحدهما الكشف، وفي الأخرى الإصابة، ولذلك فرق.
  «وَهُوَ الْقَاهِرُ» القادر الغالب علي قهر كل شيء «فَوقَ عِبَادِهِ» قدير أي عال عليهم بالقهر والقدرة، وهي مبالغة في صفته بالقدرة، ولا يقال: إنه أراد الجهة؛ لأن الجهات لا تجوز عليه لأنه ليس بجسم، «وَهُوَ الْحَكِيمُ» يعني مع كونه قاهرًا لا يفعل إلا ما تدعو إليه الحكمة، ولا يفعل القبيح، وهذا نهاية المدح، فإنه مع قدرته على كل شيء لا يفعل إلا الحسن الجميل بخلاف أحوال أهل الدنيا، «الْخَبِيرُ» العالم بكل شيء، فإذا علم القبيح وعلم غناه عنه أبدًا لا يفعله لحكمته، وقيل: قهرهم بتصريف الأحوال كالحياة والموت، والمرض والصحة، والغنى والفقر.
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب الانقطاع إليه تعالى؛ لأنه القادر على نعم الدين والدنيا، على النفع والدفع.
  وتدل على أنه قاهر للخلق، وأن أحدًا لا يقدر على منعه.
  وتدل على أنه حكيم، وليس في الحكمة أن يخلق سَبَّه، وقتل أنبيائه وأوليائه، ويخلق عبادة الصنم، ويمنع عن عبادته والائتمار لأمره، فَمِنْ هذا الوجه تدل على بطلان قولهم في المخلوق.