التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون 19}

صفحة 2181 - الجزء 3

  وقيل: هم أهل مكة قالوا: ما نرى أحدًا يصدقك، ولقد سألنا اليهود والنصارى عنك، فزعموا أنه ليس لك عندهم ذِكْرٌ، فأرنا من يشهد لك؟ فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، عن الكلبي.

  · المعنى: ثم أمر تعالى نبيه بمحاجتهم، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد «أَيُّ شَيءٍ أَكبَرُ شَهَادَةً» يعني: أن الشهادة أعظم وأصدق حتى آتيكم به وأدلكم به على أني صادق، وقيل: أي شيء أكبر شهادة حتى يشهد لي بالبلاغ وعليكم بالتكذيب، عن أبي علي، وقيل: المراد بالشهادة البيان والحجة «قُلِ» يا محمد «اللَّه شَهِيد بَينِي وَبَينَكُمْ» والقرآن الدال على صدقي لكونه معجزًا أنزله اللَّه تصديقًا وشاهدًا لي «وَأُوحِيَ إِلّيَّ هَذَا الْقُرْآنُ» قيل: لأدلكم به، وأنذركم أخوفكم «وَمَنْ بَلَغَ» يعني بلغه القرآن، وقيل: لأنذر الحاضرين، ومن بلغه: الغائبين إلى يوم القيامة، وقيل: لأنذر العرب، ومن بلغه: الروم والعجم والترك «أَئِنكُّمْ لَتَشْهَدُونَ» يعني قل يا محمد لهم: «أئنكم لتشهدون أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى» وإنما قال: «أخرى»، ولم يقل آخرين؛ لأن الجمع يلحقها التأنيث كقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسماءُ الحسنى} «قُلْ» يا محمد لهم: إن شهدتم أنتم بذلك فلا أشهد أنا معكم، «قُلْ» لمن شهد «إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ» يعني مَنْ تدعونه إلهًا مع اللَّه.

  · الأحكام: تدل الآية على أنه تعالى يُسَمِّى شيئًا خلاف ما يقوله بعضهم، والخلاف فيه على ثلاثة أوجه: عندنا يسمى شيئًا وغيره أيضًا يسمى شيئًا، والاشتراك في اسم لا يوجب التماثل، ألا ترى الجوهر والبياض والسواد يسمى شيئًا، وبعضها مخالف لبعض، ومعنى الشيء ما يصح أن يعلم ويُخْبَر عنه، وبكونه معلومًا لا يقع التماثل.