التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين 25}

صفحة 2192 - الجزء 3

  والسطر: الصف من الشيء كالكتاب والشجرة، وسطر فلان جاء بالأباطيل.

  والأساطير جمع واحدها إسطار وإسطورة. قال أبو عبيدة: واحدها أسطارة. وقال الأخفش: قال بعضهم: واحدها أسطورة نحو: أنكوحة، قال بعضهم أسطارة، قال: وعندي أنه لم يستعمل واحد الأساطير، كعبابيد وأبابيل إلا أنك إذا سئلت فقيل: لو استعمل كيف كان يكون في القياس؟ قلت: يجوز أسطورة وأسطارة وإسطير؛ لأن كل هذا يجمع على أفاعيل، وأسطورة وأساطير كأحدوثة وأحاديث، وإسطير وأساطير كإكليل وأكاليل. وقال الزجاج: هو جمع أسطار كأبيات وأبابيت.

  والجدال: الخصومة سمي بذلك لشدته، قال أبو مسلم: ولفظه مشتق من الجدالة، وهي الأرض، كأن أحدهما يلقى صاحبه على الأرض.

  · الإعراب: عامل الإعراب في (أَنْ) قوله: «جعلنا» على أنه مفعول له، وتقديره: كراهة أن يفقهوه إلا أنه حذفت الكراهة وعمل الفعل، عن الزجاج «وقرًا» نصب بقوله: «وجعلنا» أي جعلنا في آذانهم وقرًا؟ ولم يُنَوَّنْ أساطير؛ لأن (أفاعيل) لا تنون، وهي ههنا مصروفة في المعنى؛ لأنها مضافة، وكل ما لا ينصرف إذا أضيف أو دخل عليه الألف واللام انصرف.

  · النزول: قيل: اجتمع جماعة من قريش: أبو سفيان بن حرب، والوليد بن المغيرة، والنضر بن الحارث، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة وغيرهم، وقالوا: نسمع وننظر ما يقول محمد، فقالوا للنضر: ما يقول؟ قال: ما أدري، لكني أراه يحرك شفتيه، يتكلم بأساطير الأولين، كالذي كنت أحدثكم من أخبار القرون، وكان النضر يكثر الأحاديث عن الأمم الماضية، فقال أبو سفيان: إني لأرى بعض ما يقول حقًّا، فقال أبو جهل: كلا، فأنزل اللَّه تعالى فيهم هذه الآيات.