قوله تعالى: {وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون 26}
  يسلم، ومنهم من يروي أنه أسلم، وأهل البيت أجمعوا على الرواية بأنه أسلم، فإذا عاضد إحدى الروايتين إجماعهم كان أولى، فأما مشايخنا، فإنهم توقفوا فيه، ولم يقطعوا على شيء لاختلاف الروايات، واللَّه أعلم.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أنهم مع مجادلتهم إياه بالباطل وتباعدهم عنه ينهون الناس عن اتباعه، فقال سبحانه: «وَهُمْ يَنهَوْنَ عَنهُ» قيل: إنما جادلوا لينفروا الناس عنه، عن الأصم، وعن النبي ÷ بمعنى ينهون عن اتباعه، وقيل: جميع الكفار ممن تقدم ذكرهم لا يؤمن به، ويمنع الناس عن اتباعه، ويتباعدون عنه فرارًا منه، عن ابن عباس ومحمد بن الحنفية والحسن والسدي، وقيل: عن القرآن يتباعدون عن استماعه، وينهون عن ذلك لئلا يقع في قلوبهم صحته، عن قتادة ومجاهد وأبي علي، وقيل: عنى به أبا طالب، يعني ينهى عن أذاه ولا يتبعه، عن عطاء والقاسم بن مخيمرة ومقاتل، وقد بينا أنه غير صحيح، معنى «ينأون» قيل: عن استماعه، وقيل: عن العمل بموجبه، عن أبي مسلم «وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ» لأن عاقبة فعلهم ووباله يعود عليهم «وَمَا يَشْعُرُونَ» لا يعلمون ما عليهم في ذلك.
  · الأحكام: تدل الآية على أن كل من عصى فإنما يسعى في هلاك نفسه.
  وتدل على بطلان مذهب الجبر من وجوه:
  أحدهما: لو كان ذلك خلقًا لله تعالى لكان هو الذي يسعى في هلاكهم.
  ومنها: أنه أضاف إليهم النهي والنأي والإهلاك، فدل أنه فعلهم، ولأنه أوجب عليهم العقاب بذلك.
  وتدل على أن منع الغير عن اتباع الحق معصية عظيمة بمنزلة ترك الاتباع؛ لذلك ذمهم على الأمرين.
  وتدل على أن المعارف مكتسبة؛ لذلك وصفهم بأنهم لا يشعرون.