قوله تعالى: {وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين 35 إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون 36 وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون 37}
  «فتأتيهم» نصب لأنه عطف على [منصوب] (أنْ) كأنه قيل: أن تأتيهم، وقد تقدم ذكر (أنْ) في قوله: «أن تبتغي».
  · النزول: قيل: قال الحارث بن عامر: يا محمد ائتنا بآية كما كانت الأنبياء تأتي بها لنصدقك؟ فلم يأتهم ما اقترحوا، فأعرضوا عنه فكبر ذلك عليه، فنزلت الآية، عن الكلبي.
  · النظم: يقال: كيف تتصل الآية بما قبلها؟
  قلنا: هذه تسلية للنبي ÷، وحث على الصبر، وتقديره: فإن حزنت بما يقولون، وكبر عليك واستطعت أن تأتيهم بآية تضطرهم إلى الإيمان فافعل، يعني لا تستطيع ذلك، ثم بين أنه القادر على ذلك ولا يكرههم، عن أبي مسلم.
  وقيل: لما ذكر حزنه على قومه بَيَّنَ أنه لا ينال من قومه ما يتمناه، وبين أنه إن استطاع أن يفعل ما ذكرنا، فإنهم لا يؤمنون، فَبَيَّنَ أنه لا سبيل إلى ذلك، وأنهم قط لا يؤمنون إلا أن يشاء اللَّه أن يكرههم على ذلك، عن الأصم.
  وقيل: فيه بيان أنه لا أمر في مقدوره يأتي به فيقع منهم الإيمان إعذارًا له وإياسًا من إيمانهم، عن القاضي.
  · المعنى: «وَإنْ كَانَ كبُرَ عَلَيكَ» أي عظم واشتد «إِعْرَاضُهُم» انصرافهم عنك، وعن الإيمان بك وقبول دينك «فَإِنِ اسْتَطَعْتَ» قدرت «أَنْ تَبْتَغِيَ» تطلب «نَفَقًا فِي الأرْضِ» أي سربًا «أَوْ سُلَّمًا» قيل: مصعدًا، عن السدي، وقيل: درجًا، عن قتادة، فهما متقاربان «فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ» حجة، قيل: آية تلجئهم إلى الإيمان فافعل، عن ابن عباس، أي لا آية [أفضل وأظهر] من ذلك، وقيل: آية يجتمعون على الهدى لأجلها فافعل، فبين أنه لا