قوله تعالى: {وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين 35 إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون 36 وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون 37}
  ثم وصف الموتى بأنه يبعثهم ويحكم فيهم، وقيل: إنه وعيد لهم أنهم كالموتى، ثم قال: «وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ» يعني: أنهم وإن كانوا في سماع الحق كالموتى، فسيحشرون ويجازون، «ثُمَّ إِلَيهِ يُرْجَعُونَ» أي إلى حكمه وجزائه، وإنما عطف الرجوع على البعث، قيل: يبعثهم من القبر ويحشرهم إلى موقف الحساب، وقيل: يبعثون إلى الحشر ثم يرجعون إلى الجزاء، وقال الحسن: يحييهم من شركهم حتى يؤمنوا عند حضور الموت في حال الإلجاء في الدنيا، «ثُمَّ إِلَيهِ يُرْجَعُونَ» في الحشر للجزاء، وقيل: ثم إليه يرجع الجميع المؤمن والكافر، واختلفوا في الموتى، قيل: أراد الكفار، عن الحسن وقتادة ومجاهد، يعني يستجيب المؤمن، فأما الكافر فيبعثهم بالاضطرار إلي إدراك الحق، وقيل: هم الأموات خلاف الأحياء، ثُمَّ عاد إلى حكاية أقوال الكفار عطفًا على ما تقدم فقال سبحانه: «وَقَالُوا» يعني الكفار، وقيل: الحارث بن عامر وأصحابه «لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيهِ آيَةٌ» قيل: آية ينزلها من السماء وهم يعاينون نزولها، وقيل: آية تجمعهم على الإيمان، عن الزجاج، وقيل: آية بحسب اقتراحهم، وقيل: آية في إنزالها الاستئصال كما في عاد وثمود، وقيل: آية تضطرهم إلى الإيمان «قُلْ» يا محمد «إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ» على إنزال ما سألوا من الآيات، ولكن ينزل ما فيه مصلحة، ولا ينزل ما فيه مفسدة، وهو العليم بالمصالح دونهم، وأنه لا يحب أن يُقَدِّر بحسب تدبير العباد، بل يدبر على ما تقتضيه حكمته تعالى «وَلَكِنَّ أَكثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ» قيل: لا يعلمون ما عليهم من البلاء في إنزالها لو أنزلت ولم يؤمنوا فالأوجه ترك إنزالها، وقيل: لا يعلمون أنه قادر على إنزالها لا يقدر عليها غيره، عن أبي علي، وقيل: لا يعلمون ما يجوز أن يسألوا، وما لا يجوز، وقيل: لا يعلمون ما يقتضيه سؤالهم من الهلاك، وقيل: لا يعلمون أن الآية التي تجبرهم على الإيمان لا تنفعهم، والذي يليق بالظاهر ما قاله أبو علي، [وإن كان] الجميع محتملاً.