قوله تعالى: {وإذ قلتم ياموسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون 55}
  تستعمل على ثلاثة أوجه: الموت كقوله تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ}، الثاني: العذاب، كقوله: {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ}، والثالث: نار تسقط من السماء، كقوله: {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ}.
  «وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ» يعني تعاينونه وترونه.
  ويُقال: لِمَ قُرِعُوا بسؤال أسلافهم الرؤية؟
  قلنا: لأنهم رضوا بفعلهم وسلكوا طريقتهم في مخالفة من لزمهم اتباعه، وقيل: فيه ذم لهم وتسلية للنبي ÷ في أنهم بمخالفتهم إياه كأسلافهم بمخالفتهم موسى #، وسؤالهم هذه المحالات.
  ويقال: هذا سؤال السفهاء، والَّذِينَ حضروا الطور مع موسى عدول بني إسرائيل، فكيف جعل الخطاب خطابًا واحدًا؟
  قلنا: هذا خطاب لليهود الَّذِينَ كانوا في زمن نبينا ÷ وكان هذا القول وُجِد من بعض أسلافهم، ولم يفصل القديم سبحانه، وإنما أجمل ذلك وبين ما وجد في أسلافهم من الجرائم.
  ويقال: لِمَ قالوا: جهرة، والرؤية لا تكون إلا جهرة؟
  قلنا: قد تكون كرؤية القلب، والرؤية في النوم، وقيل: علانية، عن ابن عباس، وقيل: عيانًا، عن قتادة.
  ويقال: هل سؤال الرؤية وإجازتها كفر؟
  قلنا: هذا السؤال كفر بالإجماع؛ لأنه ردٌّ على الرسول، فأما إجازة الرؤية على جهة التشبيه فكفر، وإجازتها من غير تشبيه قيل: ليس بكفر، عن أبي علي وأبي هاشم، وقيل: كفر، عن أبي القاسم.
  · الأحكام: الآية تدل على أن القوم كانوا شاكين في معرفة اللَّه وصفاته، إذ طلبوا منه مرة أن يجعل لهم إلهًا، ومرة أن يروه جهرة.