التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قلتم ياموسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون 55}

صفحة 391 - الجزء 1

  والرؤية: الإدراك بالبصر، ثم يستعمل بمعنى العلم، ومنه رأى بقلبه، تشبيهًا، ومنه المرآة لأنه يُرَى بها.

  والجهر والعلانية بمعنى يقال: جهر فلان بكلامه، وجهر بقراءته إذا أعلن، وضده السر، فأصله الظهور، وحد الجهر ظهور الشيء للمعاينة.

  والصاعقة: أصلها نار تنزل من السماء تحرق ما تأتي عليه، ثم يستعمل في كل عذاب.

  والنظر: تقليب الحدقة نحو المرئي التماسًا لرؤيته مع سلامة الحاسة، ثم يستعمل في الفكر توسعًا.

  · الإعراب: يقال: ما وزن يرى؟

  قلنا: يفعل؛ لأن أصله يَرْأَى، قال الشاعر، وجاء به على الأصل:

  أُرِي عَيْنَيَّ مَا لَم تَرْأَيَاهُ ... كِلاَنا عَالِم بِالتُّرَّهَاتِ

  وجهرة: نصب على الحال.

  · المعنى: ثم ذكر تعالى خصلة من خصال أسلافهم فقال تعالى: «وِإذْ قلتم» أي اذكروا إذ قلتم، أي قال أسلافكم، وَمَنْ أنتم على طريقتهم: «يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ» يعني لا نصدقك فيما تصف اللَّه به من الصفات حتى نراه جهرة: معاينة، وقيل: لا نصدقك في نبوتك، عن الأصم، «حَتَّى نَرَى اللَّه جَهْرَةً» قيل: نراه معاينة، وقيل: قلتم جهرة لن نؤمن لك حتى نرى اللَّه، فعلى الأول الجهرة من صفة الرؤية، وعلى الثاني من صفة المقالة «فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ» قيل: الموت، وقيل: العذاب، والصاعقة