التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين 40 بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون 41}

صفحة 2231 - الجزء 3

  · الإعراب: قوله: «أرأيتكم» قيل: تقديره: أرأيتم إياكم، أو أرأيتم أنفسكم، إلا أن الكاف والميم بين أن الخطاب لجماعة، فأغنى عن الميم المتصلة بالتاء، فحذف النفس لدلالة الكلام عليه، وموضع الكاف نصب على تقدير: أرأيتم أنفسكم، وقيل: الكاف تأكيد، ولا موضع له عن سيبويه.

  وجواب (إِنْ) الفعل الذي دخل عليه حرف الاستفهام، كقولك: إن أتاك زيد أتكرمه؟ ومعناه: إن أتاك زيد تكرمه؟، وموضع (إِنْ) من الإعراب قيل: نصب؛ لأنه في موضع مفعول (أرأيت)، وهذا على أن يكون الكاف مع الميم حرف خطاب، وقيل: نصب بأنه في موضع مفعول (أرأيت) على أن يكون الكاف مع الميم اسمًا مضمرًا. بل إضراب عن الأول وإيجاب للثاني كأنه قيل: دَعُوا ذلك فإنكم إياه تدعون إن أتاكم عذابه، كما تدعونه في لجج البحار إذا اضطربت الأمواج.

  · المعنى: ثم أمر تعالى رسوله بمحاجتهم بما يضطرهم إلى الاعتراف به، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد لهَؤُلَاءِ الكفار «أَرَأَيْتَكُمْ» أي أرأيتم أنفسكم «إِنْ أَتَاكُم» جاءكم عذابه في الدنيا كما نزل بالأمم قبلكم، عن أبي علي وأبي مسلم «أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ» أو جاءتكم القيامة فتحشرون [من قبوركم] «أَغَيرَ اللَّه تَدْعُونَ» هناك لكشف ذلك عنكم، وقيل: أعلى غيره تتوكلون في صرفه «إِنْ كُنتُم صادِقِينَ» فَأَقِرُّوا بأنكم لا تفزعون إلا إليه، وقيل: إن كنتم صادقين أن الأصنام آلهة تنفعكم، عن الأصم وأبي علي، وأخرج الكلام مخرج الاستفهام، والمراد به التوبيخ، لكل فزع إلى غير اللَّه من صنم أو غيره ممن لا يقدر على كشف بلاء وغمة كأنه قيل: أما علمتم أن الذي يُدْعَى للشدائد هو اللَّه دون غيره، فلا تعبدوا غيره «بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ» قيل: في الآية تقديم وتأخير بل إياه تدعون