التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون 42 فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون 43 فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون 44 فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين 45}

صفحة 2233 - الجزء 3

  · القراءة: قرأ ابن عامر وأبو جعفر: «فَتَّحْنَا» بالتشديد، وكذلك يقرأ أبو جعفر كل القرآن، وابن عامر إلا في موضعين {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا}، و {حَتَّى إذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا} فإنه خففهما فقط، وقرأ الباقون بالتخفيف كل القرآن.

  · اللغة: التضرع: التخشع وأصله من الضراعة، وهي الذلة، ضرع الرجل يضرع ضراعة فهو ضارع.

  والإبلاس: اليأس من النجاة والرحمة، ومنه اشتق إبليس.

  والدابر: التالي للشيء من خلفه، لا من بعده، وأصله الدبور، ويُقال: دَبَرَ فلان القوم يَدْبِرُهم دبرًا: إذا كان آخرهم، ومنه التدبر؛ لأنه إحكام عواقب الأمور.

  · الإعراب: قيل: في قوله: «أرسلنا» محذوف، وتقديره: أرسلنا رسلاً، فخالفوهم، فأخذناهم، ودليله التحذير مِنْ حال مَنْ قبلهم، فحسن الحذف للإيجاز من غير إخلال. «بغتة» نصب على الحال؛ أي: أخذناهم في هذه الحال.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أن حال هَؤُلَاءِ إذا سلكوا طريق المخالفة كحال أولئك في نزول العذاب بهم تحذيرًا من ذلك، فقال سبحانه وتعالى: «وَلَقَدْ» تأكيد للكلام «أَرْسَلْنَا» رُسُلاً «إِلَى أُمَم» جماعات من الناس «مِنْ قَبْلِكَ» يا محمد، فخالفوا «فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ» قيلً: البأساء: شدة الفقر، والضراء: الأمراض والأوجاع، عن الحسن، وقيل: البأساء من عدوهم وقتل بعضهم بعضًا، والضراء في أموالهم وأنفسهم عن الأصم، وقيل: هو العذاب النازل بهم لاستئصالهم «لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ» أي لكي يخضعوا ويؤمنوا «فَلَوْلاَ إِذْ جَاءَهُمْ»، أي هلا تضرعوا لما جاءهم «بَأْسُنَا» أي نزل البلاء بهم حتى كان يكشف اللَّه عنهم ذلك.