قوله تعالى: {ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون 42 فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون 43 فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون 44 فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين 45}
  إذ أحسن إليهم فلم يدخر نصحًا، وأُتُوا في هلاكهم من جهتهم، عن أبي مسلم، وقيل: الحمد لله إذ جازاهم، والمجازِي محمود؛ لأنهم كانوا مستحقين لذلك، عن الأصم، وقيل: المراد به الأمر؛ أي احمدوا اللَّه [على هلاكهم] إذ أنجاكم منهم، ونصركم عليهم وكانوا أعداءكم، وقيل: الحمد لله على نعمه عليهم مع إصرارهم على الكفر، وقيل: الحمد لله على إمهاله إياهم، وقيل: إهلاكهم نعمة عليهم حيث منعهم من زيادة الكفر والمعاصي.
  · الأحكام: تدل الآية على تقدم الرسل في الأمم، فتدل على أن كل رسول لابد له من أدلة.
  وتدل على تسلية النبي ÷.
  وتدل على أنه يفعل بالمكلف ما يزيح عليه من الشدة والنعمة لطفًا له.
  وتدل على أنه أراد منهم التضرع.
  وتدل على أن العبد فاعل وهو يقدر على التضرع حتى يصح الكلام.
  وتدل على الحث على الدعاء، وأنه يكشف البلاء.
  ومتى قيل: كيف التضرع؟
  فجوابنا: الإيمان به، وطاعته فيما أمره، والانتهاء عما نهى تعظيمًا له، وخضوعًا وانقيادًا.
  وتدل على أن الشيطان هو الذي يزين فعلهم خلاف قول أهل الجبر: إن اللَّه تعالى هو الذي يزين.
  وتدل على أن التزيين فعله.
  وتدل على أن العاصي يؤتى النعم؛ لذلك قال: «فَتَحْنَا عَلَيهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيءٍ»، وتدل على أن نعم الدنيا ليست بالاستحقاق، كنعم الآخرة.