التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون 47 وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون 48 والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون 49}

صفحة 2237 - الجزء 3

  والإرسال: أصله الإطلاق، وأرسله إرسالاً، وسمي الرسول؛ لأنه أطلق لسانه بأداء الرسالة.

  والمس: التقاء الشيئين من غير فصل ومنه المماسة لالتقاء الحدين، ومس العذاب لأنه يحله فكأنه مسه، وقيل: تمس النار بالعذاب، والفرق بين المس واللمس: أن اللمس مماسة بحاسة، والمس يكون بحاسة وبغير حاسة.

  والفسق: الخروج من طاعة اللَّه، وأصله: الخروج.

  · الإعراب: جواب (إن) في قوله: «إِنْ أَخَذَ اللَّهِ» قيل: محذوف تقديره: فمن يأتيكم به إلا أنه أغنى مفعول «أرأيتم» عنه، وموضع (أن) نصب؛ لأنها في موضع الحال كقوله: أضربه إن خرج؛ أي: خارجًا، وموضع {مَنْ} في قوله: «من إلهٍ» من الإعراب رفع بالابتداء خبرها (إله)، و «غير» صفة له، و (من) استفهام ومعناه الإنكار. «يأتيكم» موضعه رفع بأنه صفة (إله) مخرجها مخرج الاستفهام، والجملة التي منها في موضع مفعول «أرأيتم»، و «أرأيتم» استفهام، ومعناه: تقرير حجاج فيه معنى الإنكار.

  ويقال: لِم وحد الضمير في قوله: «به»، وقد تقدم الذكر بالجمع في «أبصاركم»، و «قلوبكم»؟

  قلنا: فيه أربعة أقوال:

  الأول: أنه عائد على السمع بالتصريح، وتدخل فيه الأبصار والقلوب بدلالة التضمين.

  والثاني: يعود على ما أخذ من ذلك، فهو موحد، كأنه يعود على الأخذ لدلالة (أَخَذَ) عليه، كقولهم: من كذب كان شرًّا له، ونعني بالأخذ المأخوذ.

  الثالث: «من إله غير اللَّه يأتيكم به» أي بأحد هذه المذكورات.

  الرابع: يعني ما تقدم ذكره.

  ويُقال: لم وحد السمع، وجمع الأبصار؟