قوله تعالى: {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون 47 وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون 48 والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون 49}
  قلنا: قيل: يصح بأن يكشف له الأدلة على إثباته، وبطلان ما يعبدون من دونه، وقيل: كانوا يقرون بِاللَّهِ تعالى، ويعبدون الأصنام لتقربهم إلى اللَّه.
  ثم زاد في الحجاج فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد «قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ» أعلمتم «إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ» أي عذبكم بعد إعذاره إليكم، وإرساله الرسل «بَغْتَةً» فجأة «أَوْ جَهْرَةً» علانية، وإنما قابل البغتة بالجهرة؛ لأن البغتة تتضمن الخفية؛ لأنه يأتيهم من حيث لا يشعرون، وقيل: بغتة ليلاً وجهرة نهارًا، عن الحسن. «هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ» أي لا يهلك بذلك إلا الظالم الكافر، وقيل: كانوا يستدعون العذاب فبين أنه إذا نزل فإنما يهلك الظالم، ولا أحد يدفع عنهم، وقيل: إن العذاب وإن عم فالمعذَّب به الظالم، فأما المؤمن ومن لا يستحق العقاب فذلك محنة يستحق بها الأعواض والثواب، فلا يكون هلاكًا كالأمراض النازلة بالأنبياء، والمراد بهذا العذاب عذاب الدنيا دون عذاب الآخرة «وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ» قيل: هذا جواب لاستدعائهم الآيات، واقتراحاتهم الفاسدة، عن أبي مسلم، يقال: وما نرسل الرسل إلا لنبشر أهل الطاعة وننذر أهل المعصية «فَمَنْ آمَنَ» أي صدق الرسل «وَأَصْلَحَ» أي عمل صالحًا في الدنيا بأن يأتي بالواجبات، ويجتنب الكبائر «فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ» في الآخرة «وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ» قيل: في الآخرة على ما يعاينون من العذاب كما يحزن أهل النار؛ لأنه لا ينالهم بل يزيدهم سرورا، وقيل: لا يحزنون على ما خلفوا وراءهم في الدنيا «وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا» حججنا وأدلتنا، وقيل: بالقرآن، وقيل: بمحمد ومعجزاته «يَمَسُّهُمْ الْعَذَابُ» أي يصيبهم العذاب يوم القيامة «بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ» أي بفسقهم وخروجهم عن طاعة اللَّه والإيمان.
  · الأحكام: تدل الآية الأولى على صحة الحجاج في الدين.
  وتدل على أن هذه الحواس والأعضاء لا يقدر عليها غيره تعالى؛ لأنها جواهر وأعراض، فاختص هو بالقدرة عليها.
  وتدل على إبانة أفعاله الدالة على وحدانيته وصفاته.